أخبار عاجلة
الرئيسية / البرامج / برنامج البحوث والدراسات / العقوبات اللاحقة بين تعنت القانون ووصمة المجتمع
مؤسسة حياه -660x330 العقوبات اللاحقة بين تعنت القانون ووصمة المجتمع

العقوبات اللاحقة بين تعنت القانون ووصمة المجتمع

العقوبات اللاحقة بين تَعنت القانون ووصمة المجتمع
المقدمة.
الفصل الأول: العقوبة وتصنيفها
المبحث الأول: تعريف العقوبة
المبحث الثاني: تصنيف العقوبات

الفصل الثاني: القضايا المُخلة بِالشَّرف
المبحــــــث الأوُّل: تعريف القضايا المخلة بالشرف
المبحـــــث الثاني: موقف القضاء من مرتكبي الجرائم المُخلة بالشرف أو الأمانة
المبحـــث الثالث: موقـــف القضـــــاء مـــن الموظفين المحكوم عليهم في القضايا المخلة بالشرف

الفصل الثالث: العقوبة التأديبية
المبحــــث الأول: ماهيّة وخصائص العقوبة التأديبيّة
المبحث الثاني: قائمة العقوبات التأديبيّة
المبحث الثالث: انقضاء العقوبة التأديبيّة عن طريق الإدارة

الفصل الرابع: العقوبات غير المباشرة للمفرج عنهم
المبحث الأول:- معوقات تَحُول دون دمج المفرج عنهم في مجتمعه مرة أخرى
المبحث الثاني:- مسارات التّصحيح التي تتبناها مؤسسة حياة للتنميّة والدمج المجتمعي

الخاتمة.
قائمة المراجع.

الفصل الأول
المبحث الأول

تعريف العقوبة
العقوبة هي الجزاء الذي يقرره القانون ويوقعه القاضي بحكم قضائي باسم المجتمع على من تثبت مسئوليته عن الجريمة ويتناسب معها. فكون العقوبة جزاءً يَجب أن تنطوي على ألم يُحِيق بالمجرم نظير مخالفته نصوص القانون أو أمره، وذلك بحرمانه من حق من حقوقه التي يتمتع بها، كما أن هذا الجزاء يتعيّن أن يكون مقابلًا لجريمته فلا عقوبة ما لم ترتكب جريمة وتنشأ المسئوليّة عنها، وهذا ما يُميزها عن تدابير الأمن أو الوقاية وعن غيرها من آثار الجريمة التي ليس لها طابع الجزاء كالتعويض والجزاء التأديبي.

والعقوبة كجزاء لها دور تربوي في المجتمع، وهو تحقيق مصلحته عن طريق مكافحة الإجرام، ومن ثم كان للمجتمع وحده الحق في المطالبة بتوقيع العقاب لذلك تُسمى الدعوة الجنائيّة بالدعوى العمومية. والعقوبة كجزاء لا تقرر إلا بضرورة وقد نصت على ذلك المادة (95) من الدستور والتي تنصُّ (العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا تُوقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون)، والمادة (1) من قانون العقوبات.

(تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه)
والقضاء هو الجهة المختصة بتقرير العقاب على من تثبت مسئوليته عن الجريمة، ويجب أن تكون العقوبة كجزاء متناسبة مع جسامة الجريمة.

المبحث الثاني
تصنيف العقوبات
يتمثل أساس هذا التقسيم في الاختلاف بين العقوبات من حيث كفايتها لتحقيق معنى الجزاء المقابل للجريمة، وعليه تنقسم العقوبات إلى قسمين: عقوبات تكفي بذاتها لتحقيق هذا المعنى، ومن ثم يتصور الاكتفاء بها، أي تكون الجزاء الوحيد الذي ينطق به القاضي، وهذه هي العقوبات الأصليّة. أما القسم الثاني فهي عقوبات ليس لها ذات الأهميّة إذ لا تكفي وحدها لتحقيق معني الجزاء، ومن ثم لا يتصور أن تكون الجزاء الوحيد الذي يُنطق به القاضي، وإنّما تُوقع إلى جانب عقوبة أصليّة ويتصور ألا لا توقع على بعض المجرمين اكتفاء بالعقوبة الأصليّة التي وقعت عليهم، وتدخل في هذا القسم العقوبات الفرعيّة (التبعيّة والتكميليّة)

العقوبات التبعيّة
يقصد بالعقوبات التبعيّة: العقوبات التبعيّة هي تلك التي تتبع الحكم بعقوبة أصليّة بقوة القانون ودون الحاجة إلى النطق بها في الحكم.
خصائص العقوبات التبعيّة:
1- إنها عقوبات، وبالتالي يلزم لتوافرها ارتكاب جريمة وصدور حكم بالإدانة عنها.
2- إنها تابعة لعقوبة أخرى أصليّة.
3- إنها واجبة الأعمال بقوة القانون.
4- إنها تتبع في الغالب الحكم بعقوبة الجناية.
5- إنها ترمي إلى الوقايّة من ارتكاب جريمة في المستقبل.
صور العقوبات التبعية:
عددت المادة (24) عقوبات العقوبات التبعيّة بأنها:
1- الحرمان من بعض الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة (25) عقوبات.
2- العزل من الوظائف الأميريّة.
3- وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة.
4- المُصادرة.

أولًا: الحرمان من بعض الحقوق والمزايا:
حددت المادة (25)إجراءات وما يليها معنى هذه الحقوق وتلك المزايا بأنها تشمل:
_القبول في الوظائف وبصفته مُتعهدًا أو ملتزمًا.
_الشهادة أمام المحاكم مدة العقوبة الأعلى سبيل الاستدلال.
_العضوية في المجالس الحسبيّة أو في مجالس المديريات أو المجالس البلديّة أو المحليّة أو أي لجنة عمومية.
_إدارة أشغاله الخاصة بأمواله وأملاكه مدة اعتقاله.
_التحلي برتبة أو نيشان.
_الصلاحيّة لكي يكون خبيرًا أو شاهدًا في العقود إذا حكم عليه نهائيًا بعقوبة الأشغال الشاقة.
ملحوظة: لم يعتبر المشرع الحرمان من هذه الحقوق والمزايا مُؤبدة.

ثانيًا:الوضع تحت مراقبة الشّرطة
مراقبة الشرطة هي وضع قيود على المحكوم عليه بعد تنفيذه للعقوبة تتمثل في إخطار مراقبة الشرطة عن محل إقامته أو أي تغيير فيها وبأن يُقدم نفسه إلى رجال الشُّرطة في المواعيد التي تُتحدد لذلك، وقد يكون كعقوبة تكميليّة، ومن ذلك ما تنصُّ عليه المادة(320) عقوبات من جواز الحكم بها في حالة الحكم بالحبس لسرقة، وأخيرًا قد يكون كعقوبة تبعيّة.
العقوبات التكميليّة
المقصود بالعقوبات التكميليّة:
يقصد بها العقوبات التي تنطق بها المحكمة، بالإضافة إلى عقوبة أخرى أصليّة، وقد تكون تكميليّة وجوبيّة، وقد تكون جوازيّة.
خصائص العقوبات التكميليّة:
1- لا يجوز الحكم بها منفردة.
2- لا تُنفذ إلا إذا قَضت بها المحكمة.
3- إنها قد تكون وجوبيّة أو جوازيّة.
صور العقوبات التكميليّة:
بالإضافة إلى الغرامة التي ينصُّ عليها القانون كعقوبة تكميليّة، تضمن قانون العقوبات الصور التالية:
_العزل المؤقت من الوظيفة:العزل كعقوبة تبعيّة يتمثل في قطع العلاقات الوظيفيّة للموظف المحكوم عليه مع عمله العام. وقد عرّفته المادة(26) من قانون العقوبات)العزل من وظيفة أميريّة هو الحرمان من الوظيفة نفسها ومن المرتبات المقررة لها)
المصادرة: المصادرة هي نزع مال تم ضبطه جبرًا عن صاحبه لكي يؤول إلى الدولة، والمصادرة نوعان:عامة وخاصة، المصادرة العامة ترد على جميع أموال الشخص، وهذا النوع من المصادرة محظور وفقًا للمادة (40) من الدستور
)المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة، إلا بحكم قضائي(
أما المصادرة الخاصة فإنها ترد على مال معين، وهذا النوع من المصادرة لا يجوز إلا بحكم قضائي.
شروط المصادرة:
1- إنها ترد على أشياء، وأن تلك الأشياء مضبوطة، ويحصر في الأشياء الماديّة دون المعنويّة.
2- إن الشيء المصادر يلزمُ أن يكون مضبوطًا.
3- يجب أن تكون بحكم قضائي، فلا تجوز المصادرة بقرار إداري.
نوعا المصادرة:
المصادرة نوعان: جوازيّة ووجوبيّة
المصادرة الجوازية:
المصادرة في هذه الحالة عقوبة تكميليّة جوازيّة وموضوعها نوعان من الأموال:
النوع الأول: ويشمل الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة، ومن قبيل هذه الأشياء مبلغ الفائدة في الرشوة.
النوع الثاني: ويشمل الأشياء المضبوطة التي استعملت أو كان من شأنها أن تُستعمل في الجريمة.
المصادرة الوجوبيّة:
تُصبح المُصادرة عقوبة تكميليّة وجوبيّة أي من المتعيّن على المحكمة أن تحكم بها في حالة ما إذا كانت حيازتها جريمة في حد ذاتها، كالمخدرات أو الأسلحة بدون ترخيص، وواضح من عرض حالتي المصادرة الجوازيّة والوجوبيّة أنه يجمعهما الخصائص التالية:
1- إن كلًا منهما عقوبة تكميليّة.
2- إن المحكمة لا تحكم بأي منهما إلا إذا كان المال مضبوطًا.
3- إن مجالهما في الجنايات والجنح دون المخالفات.
4- أن كلًا منهما لا يتصور إلا في مجال الجرائم العمديّة0
غير أنه يُفرق بينهما أنه بالنسبة للمصادرة الوجوبيّة يُخطئ الحكم الذي ينطق بها على خلاف الحال بالنسبة للمصادرة الجوازية.
من ناحيّة أخرى، فإن المصادرة الوجوبيّة ملحوظٌ فيها أنها تهدفُ إلى تَوقِي خطورة إجراميّة تتعلق بالشيء نفسه، فهي في ذلك أقرب إلى التدابير الاحترازيّة منها إلى العقوبات.
خصائص المصادرة الوجوبيّة:
1- إنها وجوبيّة.
2_إنه يمكن الحكم بها كعقوبة أصليّة.
تسبيب الحكم الصادر بالمصادرة:
يتعين أن يُبين الحكم الذي يقضي بالمصادرة توافر حالة من حالات المصادرة وألا انطوى على قصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.

الفصل الثاني
المبحث الأول
تعريف القضايا المخلة بالشرف
الجرائم المُخلة بالشرف لم تحدد في قانون العقوبات أو في سواه تحديدًا جامعًا مانعًا كما كان من شأنه بالنسبة للجنايات، على أن المتفق عليه أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع، والشخص الذي انحدر إلى هذا المستوى الأخلاقي لا يكون أهلًا لتولي المناصب العامة التي تقتضي في من يتولاها أن يكون متحليًا بالأمانة والنزاهة والشرف واستقامة الخلق، ولما كانت جريمة إصدار شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات، هي كجريمة النصب تقتضي الالتجاء إلى الكذب كوسيلة لسلب مال الغير، فهي لذلك لا تصدر إلا عن انحراف في الطبع وضعف في النفس، ومن ثم فإنها تكون في ضوء التعريف سالف الذكر (المخلة للشرف)
واضح مما سبق أنه يصعب وضع قاعدة عامة في هذا المجال يمكن على ضوئها وصف فعل ما بأنه يُشكل أولًا يُشكل جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ومن ثم فيجب أن ينظر إلى كل فعل على حده على أن يؤخذ في الاعتبار الظروف والأوضاع التي تمّ فيها هذا الفعل أو الملابسات والبواعث الخاصة به.

فقد سكت القانون عن وضع تعريف للجريمة المخلة للشرف، كما سكت عن تقديم أمثلة للجريمة التي تتسم بهذا الوصف، حيث نصّ الفصل الثامن من القانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951على إنهاء خدمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة، ونصت المادة 107 منه على أن “تنتهي خدمة الموظف المعين على وظيفة دائمة لأحد الأسباب الآتية:”1” بلوغ السن مقررة لترك الخدمة.. “8” الحكم عليه جنايّة أو في جريمة مخلة بالشرف…. “9” الموت…….”) (.

ومُؤدى ذلك أن الحكم الجنائي يُؤدي ابتداء من أوّل يوليو سنة 1952 وفقًا لأحكام القانون الإداري إلى عزل الموظف العام في حالتين: “أ” إذا كان حكمًا صادرًا في جناية، والجنايات هي الجرائم المعاقب عليها بالإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة أو الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن كما وردت في المادة العاشرة من قانون العقوبات .‏

وفي نهايّة الأمر نستطيع تلخيص ما سبق ذكره في الآتي:-
إن مرتكبي الجرائم المُخلة بالشرف أو الأمانة يُحرم من تولي الوظائف العامة، ولكن ماهيّة الجرائم المخلة بالشرف؟ ليس هناك في الواقع معيار جامع مانع لتمييز هذا النوع من الجرائم عن غيره، مما لايعد مخلًا بالشرف أو الأمانة خاصة أن المُشرع لم يحدد ماهيّة تلك الجرائم تاركًا تلك المهمة لكل من الفقه والقضاء، ومع أن الفقه والقضاء قد حاولا وضع معيار في هذا الخصوص إلا أنه ليس معيارًا حاسمًا.

المبحـــــث الثاني
موقف القضاء من مرتكبي الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة.

تنصُّ المادة 25 من قانون العقوبات على أن “كل حكم بعقوبة جنايّة يستلزمُ حتمًا حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا الآتية:-
(أولًا) القبول في أي خدمة في الحكومة مباشرة أو بصفة متعهد أو ملتزم أيًا كانت أهميّة الخدمة.
)ثانيًا) التحلي برتبة أو نيشان.
(ثالثًا) الشهادة أمام المحاكم مدة العقوبة الأعلى سبيل الاستدلال.
(رابعًا) إدارة أشغاله الخاصة بأمواله وأملاكه مدة اعتقاله، ويعين قيمًا لهذه الإدارة تقرره المحكمة، فإذا لم يعينه عينته المحكمة المدنيّة التابع لها محل إقامته في غرفته مشورتها بناءً على طلب النيابة العموميّة أو ذي مصلحة في ذلك، ويجوز للمحكمة أن تُلزم القيم الذي تنصبه بتقديم كفالة، ويكون القيم الذي تقرره المحكمة أو تنصبه تابعًا لها في جميع ما يتعلق بقوامته.

ولايجوز للمحكوم عليه أن يتصرف في أمواله إلا بناء على إذن من المحكمة المدنيّة المذكورة، وكل التزام يتعهد به مع عدم مراعاة ما تقدم يكون ملغيًا من ذاته.وتُردُّ أموال المحكوم عليه إليه بعد انقضاء مدة عقوبته والإفراج عنه، ويقدم له القيم حسابًا عن إدارته.

(خامسًا) بقاؤه من يوم الحكم عليه نهائيًا عضوًا في أحد المجالس الحسبيّة أو مجالس المديريّات أو المجالس البلديّة أو المحليّة أو أي لجنة عمومية.
)سادسًا) عدم صلاحيته أبدًا لأن يكون عضوًا في إحدى الهيئات المبنيّة بالفقرة الخامسة أو أن يكون خبيرًا أو شاهدًا في العقود إذا حكم عليه نهائيًا بعقوبة الأشغال الشاقة.
المادة 27 من قانون العقوبات تنصُّ على أن “كل موظف ارتكب جناية…عُومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يُحكم عليه أيضًا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه.
تقول المحكمة الإداريّة العليا “طبيعة الوظيفة، ونوع العمل الذي يُؤدِي المرشح ونوع الجريمة، والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها، ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات، وسوء السيرة والحد الذي ينعكس إليه أثرها على العمل…: الأمر الذي يُعني أن المرجع في تقدير ما إذا كانت جريمة ما من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة أم ليست كذلك إلى السُّلطة الإداريّة المنوط بها تطبيق القانون، وهي في هذا التقدير تَخضع لرقابة القضاء أن هي أسرفت أو تجاوزت الحدود . (1)

ومع ذلك يمكن القول، إن هناك مجموعة من الجرائم لا يختلف الفقه فيها والقضاء حول اعتبارها جرائم مخلة بالشرف أو الأمانة وهي:
السرقة – التزوير – هتك العرض النصب والاحتيال – خيانة الأمانة… إلخ.
بل اعتبرت المحكمة الإداريّة العليا أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد تُعدُّ من الجرائم المخلة بالشرف؛ لأنها ضعف في الخلق وانحراف في الطبع، كما أن هناك مجموعة أخرى من الجرائم استقر القضاء على عدم اعتبارها جرائم مُخلة بالشرف أو الأمانة منها جرائم التبديد التي تقع من المالك للأشياء المحجوز عليها والمُعيّن حارسًا عليها – جنحة تبديد منقولات الزوجيّة – الحكم بالغرامة في جنحة مشاجرة جرائم السب حتى وإن كانت تتضمن خدشًا لشرف المجني عليه- جرائم بيع سلعة بأكثر من السعر المقرر لها جريمة تغيير من أحد الزوجين في عقد الزواج…إلخ

وهذا تجدرُّ الإشارة إلى أمرين أساسيين في هذا الصدد:-
الأمر الأول: أنه يشترط في العقوبة الصادرة في الجرائم المُخلة بالشرف، أو الأمانة لكي تعتبر مانعًا من التعيين في الوظائف العامة أن تكون عقوبة مُقيّدة أو سالبة للحريّة كالأشغال الشاقة المُؤبدة أو المُؤقتة أو السّجن أو الحبس أيًا كان مقدارها.

أما إذا كانت غير ذلك بأن تكون عقوبة ماليّة، مثلًا كالغرامة أو المُصادرة، فأن المحكوم عليه لا يُحرم من حق التّرشيح لشغل إحدى الوظائف العامة، كما يُشترط كذلك أن يكون الحكم الصادر بالعقوبة المُقيدة للحريّة أن يكون حكمًا نهائيًا.

الأمر الثاني: أن يكون الحكم بعقوبة مُقيّدة للحريّة في جريمة مُخلة بالشرف أو الأمانة صادرًا في جنايّة أو جنحة، أما إذا كان صادرًا في مخالفة فإنه لا يقف في عقبة توليه الوظائف العامة حتى وأن كانت هذه المخالفة مُخلة بالشرف أو الأمانة، وقضي فيها بعقوبة مقيدة للحريّة وذلك بسببين:
أولهما: أن المُشرّعَ جعل زوال هذا المانع رهنًا برد الاعتبار ولا يوجد رد اعتبار في المخالفات.
ثانيهما: إن المُشرّعَ رتّب على وقف تنفيذ العقوبة زوال أثرها بالنسبة للتعيين في الوظائف العامة ووقف التنفيذ لايرد على المخالفات، ومن ثم إذا قبل بقيام المانع من التعيين في الوظائف العامة أو الاستمرار فيها في حالة صدور حكم بعقوبة مقيدة للحريّة في المخالفات لكان في ذلك مفارقة غريبة، إذا بينما ترتب الأحكام الصادرة في تلك المخالفات أثرها والمتمثل في عدم تولية الوظائف العامة بقوة القانون، فإن الأحكام الصادرة في الجنايات والجنح، وهي جرائم أشد لا ترتب هذا الأثر في حالة الحكم بوقف تنفيذها، وهو أمر يتنافى مع المنطق القانوني السليم، وما يمليه هذا المنطق من ضرورة مراعاة التدرج في الجرائم من حيثُ مبلغ خطورتها والعقوبات المقررة لها والآثار المترتبة عليها.

نخلص مما سبق إلى أن عدم سبق الحكم على المُرشح بعقوبة جنايّة أو عقوبة مُقيّدة للحرية في جريمة مُخلة للشرف أو الأمانة، يعتبر شرطًا جوهريًا ليس فقط التعيين المبتدئ في الوظيفة العامة، إنما أيضًا للاستمرار فيها بحيث يترتب على مخالفة هذا الشرط الانحدار بالقرار الإداري الصادر بالتعيين إلى درجة الانعدام، مع ما يترتب على ذلك من أثار أهمها إمكانيّة سحب هذا القرار في أي وقت دون التّقيّد في ذلك بالمواعيد المحددة لسحب القرارات الباطلة.

المبحـــث الثالث
موقـــف القضـــــاء مـــن الموظفين المحكوم عليهم في القضايا المخلة بالشرف.
المادة الأولي من قرار رئيس الجمهوريّة بالقانون رقم 22 لسنة 2004, والمادة 141 من الدستور الحالي أوضحتا شروط على المحكوم عليهم في جناية أو جريمة مُخلة بالشرف أو الأمانة في حالة التّرشح للوظائف العليًا أن يكون قد رد إليه اعتباره, ورد الاعتبار للمحكوم عليه هو نظام قانوني قرره المشرع بشأن الآثار الجنائيّة للحكم الصادر بالإدانة بشروط وضوابط، وفي حالات معينة محددة.

يقصد برد الاعتبار محو الآثار الجنائيّة للحكم بالإدانة بحيث يأخذ المحكوم عليه وضعه ومكانته في المجتمع مثله، مثل أي مواطن أخر لم تصدر ضده أحكام جنائيّة، وذلك بهدف التخفيف من الآثار الاجتماعيّة للأحكام الجنائيّة التي تصدر ضد بعض المواطنين, والتي تقف صحيفة السوابق الخاصة بكل مواطن فيها عائقًا ضد المحكوم عليه في أن يشق طريقة العادي لكسب معاشه في المجتمع، وممارسة حياته بصورة طبيعية, وذلك متى توافرت حالات وضوابط رد الاعتبار التي قررها القانون, حيث يرتب القانون على رد الاعتبار على المحكوم عليه متى توافرت شروطه، وهو حق للمحكوم عليه في هذه الحالة يترتب عليه القانون محو جميع الآثار الجنائيّة المترتبة على الحكم الذي صدر ضد من رد إليه اعتباره, وهو في هذا يختلف عن العفو عن العقوبة الذي لا يعدُّ حقًا للمحكوم عليه, ولا يمتدُّ إلى الآثار الجنائيّة للحكم.
يوضح نائب رئيس مجلس الدولة، أن رد الاعتبار نوعان:-

الأول: رد الاعتبار القضائي:-
وهو جائز لكل محكوم عليه في جنايّة أو جنحة، ويصدر به حكم من محكمة الجنايات التابع لها من محل إقامة المحكوم عليه, وذلك بناء على طلب مهما كانت العقوبة المحكوم بها سواء كانت عقوبة جنايّة أو جنحة, وسواء كانت عقوبة مقيدة للحريّة أو كانت مجرد عقوبة ماليّة.
شروط صدور الحكم برد الاعتبار (القضائي)
1- أن تكون العقوبة قد نُفذت تنفيذًا كاملًا.
2- أن تكون العقوبة قد صدّر فيها عفو أو سقطت بمضي المدة.
شروط صدور الحكم برد الاعتبار (القانوني)
يُشير نائب رئيس الدولة، إلى أن رد الاعتبار القانوني هو ردُّ اعتبار للمحكوم عليه بقوة القانون، وذلك بمرور مدة مُعينة من تاريخ تنفيذ العقوبة كاملة أو سقوطها بِمُضي المدة دون الحاجة إلى طلب من المحكوم عليه، وهو مرر بالنسبة للجنايات والجنح بدون تمييز بين أنواعها، وأن كان المشرع قد اختار بعض أنواع من الجنح، وتطلب لها مدد مساوية للمدد المتطلبة في عقوبة الجنايّة، حيث نصَّ المشرع في المادة 550 من قانون الإجراءات الجنائيّة على أن يُردَّ الاعتبار بحكم القانون إذا لم يصدر على المحكوم عليه حكم العقوبة في جناية أو جُنحة، مما يحفظ عنه صحيفة بقلم السوابق خلال الآجال الآتية:-

أولًا: بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة جناية في جريمة سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة أو نصب أو خيانة أمانة أو تزوير أو شروع في هذه الجرائم التي سبق ذكرها في المبحث الأول متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو سقوطها بِمُضي المدة اثنتا عشرة سنة.

ثانيًا: بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة جنحة في غير ما ذكر متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها ست سنوات إلا إذا كان الحكم، قد اعتبر المحكوم عليه عائدًا قد سقطت بمضي المدة فتكون المدة اثنتى عشر سنة، وإذا كان المحكوم عليه قد صدّرت ضده عدة أحكام فلا يردُّ اعتباره إليه بحكم القانون إلا إذا تحققت بالنسبة لكل منها الشروط المنصوص عليها في المادة السابقة على أن يُراعى في حساب المدة إسنادها إلى أحدث الأحكام.

في النهاية تجدرُّ الإشارة إلى أنه يترتب على رد الاعتبار محو الحكم القاضي بالإدانة بالنسبة للمستقبل، وزوال كل ما يترتبُّ عليه من انعدام أهليّة وحرمان للحقوق وسائر الآثار الجنائيّة، ولكنه عديم الأثر بالنسبة للآثار المدنيّة، وعلى الأخص المُتعلقة بالرد أو التّعويضات التي ترتبت من غير نتيجة الحكم بالإدانة، حيث تخضع تلك الحقوق للقواعد المقررة في القانون المدني، إذ أن رد الاعتبار هو نظام جنائي لمحو الآثار المترتبة على الحكم دون ما يترتب للغير من حقوق.

الفصل الثاني
(المبحث الأول)العقوبة التأديبية)
إذا ثبت ارتكاب الموظف للواقعة المنسوبة إليه وانطوت على إخلال بواجبات الوظيفة أو مساسًا بكرامتها، فإن المصلحة العامة وفاعليّة الوظيفة الإداريّة تَقتضي أن يُوقعَ عليه العقوبة المناسبة لما ارتكبه من مخالفات.

ونتولى في هذا الفصل بيان ماهيّة وخصائص العقوبة التأديبيّة ( المبحث الأول )، ثم بيان قائمة العقوبات التأديبيّة (المبحث الثاني )، وأخيرًا كيفيّة انقضائها عن طريق الإدارة (المبحث الثالث).
المبحث الأول: ماهيّة وخصائص العقوبة التأديبية

العقوبة التأديبية، بصفة عامة، هي وسيلة الإدارة في ردع وإصلاح مرتكبي المخالفات التأديبيّة داخل المجتمع الوظيفي بقصد الحفاظ على النظام فيه.

والعقوبة التأديبيّة بهذا المعنى تقوم على ذات الفلسفة الحديثة التي ترتكز عليها العقوبة الجنائية، فهي لا تستهدفُّ إيلام الموظف المُخطىء، وإنّما تستهدف أيضًا الإصلاح والتقويم في سبيل تمكين المرفق العام في أداء رسالته؛ لذلك يجب على السُّلطة التأديبيّة عند توقيع العقوبة أن تضع دائمًا في اعتبارها الإحاطة بمختلف الظروف التي وقع فيها الخطأ، والتي سمحت أو سهلت للموظف ارتكابه حتى يمكن علاج أوجه النقص في الجهاز الإداري، وبالتالي حمايّة الموظف مستقبلًا من أوجه الخلل التي قد تعرضه للمساءلة التأديبية.

كما تتشابه العقوبة التأديبيّة مع العقوبة الجنائيّة في أنهما قد وردتا في القانون على سبيل الحصر، فلا عقوبة إلا بنص؛ وبالتالي لا يجوز للسُّلطة التأديبيّة ــ شأنها شأن السُّلطة الجنائيّة ــ توقيع عقوبات أخرى غير ما ذكره المشرع صراحة وإلا كانت العقوبة باطلة.

وبالإضافة إلى ذلك تتفق العقوبتان التأديبيّة والجنائية، في أن كلًا منهما يسري بشأنه قاعدتي وحدة العقوبة وشخصيتها؛ فلا يُوقع عن الخطأ الواحد سوى عقوبة واحدة، كما لا يجوز توقيع العقوبة الأعلى من ارتكب الخطأ فلا تتعداه إلى غيره.

ولكن بالرغم مما تقدم؛ فإن العقوبات التأديبيّة تتسم بطابع خاص يميزها عن العقوبات الجنائية، فمن ناحية لا يعرف القانون التأديبي العقوبات المقيدة أو السالبة للحريّة ؛ وإنما يطبق العقوبات التي تتفق مع العمل الوظيفي .

وقد تكون هذه العقوبات أدبيّة مثل: الإنذار واللوم؛ وقد تنصرف إلى حرمان الموظف من بعض المزايا الماليّة مثل: خفض الأجر، كما قد تبلغ العقوبة مداها فتصل إلى حد العزل من ناحيّة أخرى.
كما أن المشرع لم يحدد لكل جريمة ما يقابلها من عقوبة تأديبيّة، حيث يترك ذلك للسلطة التقديريّة لجهة التأديب.

المبحث الثانى: قائمة العقوبات التأديبية
تحدد قوانين الخدمة المدنيّة عادة مجموعة القواعد المتنوعة التي تُطبق على الموظف المُخطىء؛ ونبدأ هذه العقوبات باللوم أو الإنذار أو التوبيخ، ثم تتصاعد في الجسامة حتى تصل إلى إنهاء العلاقة الوظيفيّة بين العامل والإدارة؛ وتجري بعض القوانين ومنها القانون المصري، على تخصيص عقوبات معينة لاتُطبق الأعلى شاغلي الوظائف العليا، كما تُوجد عقوبات أخرى تخصُّ الأفراد الذين تركوا الخدمة.

ونبدأ بدراسة العقوبات التي تُوقع على غير شاغلي الوظائف العليا، ثم العقوبات الجائز توقيعها على شاغلي هذه الوظائف.
أولًا: العقوبات التي توقع على غير شاغلي الوظائف العليا:ـــ
على ضوء المادة 80 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 يمكن تقسيم العقوبات التي يجوز توقيعها على العاملين من غير شاغلي الوظائف العليا إلى ثلاثة أقسام رئيسية: عقوبات أدبية، عقوبات تمس مزايا الوظيفة، وأخرى تُؤدي إلى إنهاء الرابطة الوظيفية.

1ــ العقوبات الأدبيّة أو المعنويّة:
العقوبات الأدبيّة هي عبارة عن عقوبات وقائية، لا يترتب عليها آثار ماديّة مباشرة، يقصد منها تحذير وتنبيه الموظف إلى أن يسلك في عمله المنهج السليم حتى لا يتعرض فيما بعد إلى عقوبة أشد جسامة في حالة العود.

وبالرجوع إلى المادة 80 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 نجد أن هذه النوعيّة من العقوبات تنحصر ــ بالنسبة لغير شاغلي الوظائف العليًا ــ في عقوبة واحدة هي الإنذار.

والإنذار هو أقل الجزاءات من حيث الجسامة، وبالتالي فهو مقرر لمواجهة المخالفات البسيطة؛ والهدف منه هو مجرد تبصير الموظف بالخطأ الذي ارتكبه وتحذيره من العود إليه.

وتنصُّ بعض التشريعات على حد أقصى لعدد مرات الإنذار التي يتعرض الموظف بعدها لجزاء أشد، أما المُشرع المصري فقد ترك ذلك للسلطة التقديريّة لجهة التأديب.

ويرى البعض أنه كان من المُلائم أن يُحدد المشرع عدد المرات التي يجوز فيها توقيع العقوبات الأدبيّة، ومنها الإنذار، بحيث يكون لزامًا على السُّلطة التأديبيّة بعد ذلك أن تُطبق عقوبات أخرى أشد جسامة، وذلك أن تكرار العقوبة الأدبيّة أو المعويّة دون حد أقصى، خاصة في فترات زمنيّة متقاربة، سوف يفقدها فاعليتها.

2ــ العقوبات التي تمس مزايا الوظيفة:
إلي جانب العقوبات الأدبيّة أو المعنوية، نصَّ المُشرع على طائفة أخرى من العقوبات التي تمس مزايا الوظيفة، وهي في مجملها ذات طابع مالي، وتتمثل هذه العقوبات في القانون المصري فيما يلي:
** تأجيل موعد استحقاق العلاوة:
وهذه العقوبة تمسُّ الموظف في ماله، حيث تعتبر العلاوة من العناصر الهامة التي يعول عليها في حياته، فهو ينتظرها كل عام لكي تُضاف إلى راتبه، وتساعده في تحمل أعبائه المالية.

وكان القانون رقم 210 لسنة 1951 يقرر تأجيل العلاوة لمدة لا تقل عن ستة أشهر، ومعنى ذلك أنه كان من الجائز أن تمتد إلى عدة سنوات؛ ولكن نظرًا لقسوة هذه العقوبة وآثارها الماليّة السيئة، فإن المشرع في القوانين التالية، ومنها القانون الحالي رقم 47 لسنة 1978، قد قيّد سلطة التأديب بتحديد الحد الأقصى لمدة تأجيل استحقاق العلاوة، وهي ثلاثة أشهر ولا ينصب التأجيل الأعلى علاوة واحدة، وبالتالي لا يُؤثر تأجيل استحقاق العلاوة في موعد استحقاق العلاوات التاليّة .

ومن التطبيقات القضائيّة في هذا الصدد ما قررته المحكمة التأديبيّة من تأجيل موعد استحقاق إحدى الموظفات للعلاوة لمدة ثلاثة أشهر بسبب جمعها بين عملها، وبين إدارة واستغلال محل تجاري الأمر الذي يُشكل خروجًا على القانون .

كما طبقت نفس العقوبة، من قبل المحكمة التأديبية، على موظف أساء استخدام السلطات المفوضة إليه، ولم ينتظم في العمل، وقام بالاعتداء بالقول على رئيسه المباشر، وذلك رغم تقديم الموظف لتنازل من رئيسه عن شكواه ضده، إذا لو صحَّ ذلك في المجال الجنائي فلا محل له في مجال التأديب، وإن كان من الجائز التعويل عليه في تخفيف العقوبة .

** الخصم من الأجر:
وهي أيضًا عقوبة ذات طابع مالي بحت، وقد نصَّ المشرع عليها في مختلف قوانين العاملين بداية من القانون رقم 210 لسنة 1951وحتى القانون الحالي رقم 47 لسنة 1978 ( الفقرة الثانيّة من المادة 80.

ونظرًا لأن هذه العقوبة لا يقتصر أثرها على الموظف، وإنما تمتدُّ ولو بطريق غير مباشر إلى أفراد أسرته، فقد أحاطها المشرع ببعض الضمانات على النحو التالي:
ــ وضع المشرع حدًا أقصى لمدة الخصم هو شهران في السنة، وتبدأ السنة من تاريخ تعيين الموظف، كما استقر التفسير على أن تعبير ” شهرين ” يعني 60 يومًا بالنظر إلى اختلاف عدد أيام الشهور .
ــ لا يجوز أن يتجاوز تنفيذ هذه العقوبة ربع الأجر شهريًا بعد الربع الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه قانونًا.
ــ يتمُّ الخصم على أساس المرتب الأصلي مخصومًا منه الاستقطاعات العاديّة بسبب المعاش أو الضرائب أو الرسوم.
ــ وفقًا للمادة 93 من القانون، على كل وحدة أن تحتفظ، في حساب خاص، بحصيلة المبالغ الناجمة عن جزاءات الخصم الموقعة على العاملين، ويتم الصرف مها في الأغراض الاجتماعيّة أو الثقافيّة.
ومعنى ذلك أن العامل الذي يوقع عليه جزاء الخصم يمكنه الاستفادة من هذه الخصيلة في مُواجهة الأعباء الاجتماعيّة التي قد تَلحق به نتيجة لتوقيع الجزاء، وذلك طبقًا للشروط والأوضاع التي تحددها السُّلطة المختصة.

** الحرمان من نصف العلاوة الدورية:
ويقصد بهذه العقوبة حرمان الموظف من حقه في تقاضي نصف الزيادة الماليّة كعلاوة دوريّة في السنة الموقع فيها العقوبة، وهي لذلك تعتبر أشد قسوة من عقوبة تأجيل العلاوة.

وتجدر الإشارة إلى أن قوانين العاملين السابقة كانت تنصُّ على الحرمان من كل العلاوة، ولكن المُشرع في القانون الحالي قد نصَّ على الحرمان من نصف العلاوة فقط مراعاة للاعتبارات الإنسانيّة حتى يتمكن الموظف من مواجهة تكاليف المعيشة المتزايدة.

** الوقف عن العمل:
الوقف عن العمل هو منع الموظف من ممارسة وظيفته بصفة مؤقتة مع حرمانه من راتبه الوظيفي بصورة كاملة أو جزئيّة خلال مدة الوقف، ويطبق الوقف هنا كعقوبة أصليّة. والوقف كعقوبة أصليّة لا توقعه إلا سلطة التأديب المختصة، ولا تنتهي علاقة الموظف الموقوف بالوظيفة، وبالتالي يظل محملًا بواجباتها (عدا أداء العمل بطبيعة الحال، ويعود إلى وظيفته عقب انقضاء مدة الوقف مباشرة، ولذلك لا يجوز شغل هذه الوظيفة عن طريق التعيين أو الترقيّة خلال فترة الإيقاف، ولكن يجوز أن يَعهد بعمل الموظف الموقوف إلى مُوظف أخر متى اقتضت مصلحة العمل ذلك .

** تأجيل الترقية:
يقصد بهذه العقوبة تأخير حصول الموظف المُعاقب بها على الدرجة التالية لدرجته في موعد استحقاقها وذلك لمدة معينة .

ولقد كانت هذه العقوبة مقررة كعقوبة تبعيّة في قوانين العاملين المدنيين السابقة ، أما القانون الحالي فقد نصَّ عليها كعقوبة أصليّة بحيث لا تزيد مدة التأجيل عن سنتين، ولا يبدأ حساب المدة المحددة في القرار التأديبي لتأجيل الترقية من تاريخ صدور الجزاء، وإنما يبدأ حسابها عند حلول الدور على الموظف في الترقية.

** خفض الأجر في حدود علاوة:
كان قانون العاملين رقم 210 لسنة 1951 ينصُّ على عقوبة خفض الأجر، ولكن دون تحديد نسبة أو مدة هذا الخفض، ولم ترد هذه العقوبة في القانونين رقم 1964 ورقم 58 لسنة 1971 ولكن المشرع أعاد النص عليها في القانون الحالي رقم 47 لسنة 1978 مع بيان المقدار الذي يجوز تخفيضه، وهو في حدود علاوة من العلاوات التي يستحقها الموظف عند توقيع العقوبة، وليس عند ارتكاب المخالفة، ولا تُؤثر هذه العقوبة في موعد العِلاوات التاليّة، ولا في قيمتها، وكذلك الحالي بالنسبة لخفض الدرجة والأجر.

ثانيًا: العقوبات التي توقع على شاغلي الوظائف العليا:
خصَّ المُشرع المصري الموظفين من شاغلي الوظائف العليا بأربع عقوبات وهي: التنبيه واللوم (وهما من العقوبات الأدبيّة)، والإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة (وهما من العقوبات المؤديّة لإنهاء الخدمة).
وبذلك لا يخضع شاغلي هذه الفئة من الوظائف للعقوبات ذات الطابع المالي التي سبق إيضاحها بالنسبة لصغار العاملين، زمن ناحيّة أخرى، إذا كان المشرع قد قرر عقوبة أدبيّة واحدة لصغار الموظفين، فإنه قد أخذ بثنائيّة العقوبات الأدبيّة لشاغلي الوظائف العليا، حيث قرر لهم عقوبتين هما: التنبيه واللوم.

وجدير بالذكر أن التنبيه يعتبر أقل قسوة من عقوبة الإنذار؛ فالتنبيه لا يخرج عن كونه مجرد نصيحة تُسدى إلى الموظف من قبل السُّلطة التأديبيّة لحثه على مراعاة واجبات وظيفته، وبالتالي فهو لا يحمل المعني الحقيقي للعقوبة، أما اللوم فهو جزاء أشد من التنبيه حيث لا يقتصر على مجرد إسداء النصيحة، وإنما ينطوي على استنكار للسلوك الذي انتهجه الموظف وتأنيبه والتنديد بما اقترفه.

والمشرع قد جانبه الصواب فيما اتجه إليه من قصر العقوبات الجائز توقيعها على شاغلي الوظائف العليا في التنبيه واللوم والفصل من الخدمة والإحالة إلى المعاش وذلك للأسباب الآتية:
1ــ لا نجد مبررًا معقولًا؛ لأن تخلو قائمة العقوبات التي تُوقع على شاغلي الوظائف العليا من العقوبات ذات الطابع المالي في الوقت الذي تُسجل فيه هذه العقوبات باستفاضة في قائمة الجزاءات المقررة لصغار الموظفين رغم ضآلة أجورهم ومزاياهم الوظيفيّة (1) .
2ــ إن التضييق من دائرة العقوبات الجائز توقيعها التي توقع على شاغلي الوظائف العليا، يُؤدي إلى تجرّأهم على الخروج على أحكام القوانين واللوائح خاصة، وأن الشواهد تُؤكد أن الجزاءات التي تُوقع عليهم لا تخرج في معظم الحالات، عن التنبيه واللوم رغم جسامة الأخطاء المرتكبة، ومن ذلك على سبيل المثال ما قضت به إحدى المحاكم التأديبيّة من توقيع عقوبة التنبيه على مدير عام لخروجه على مقتضى الواجب الوظيفي لاستخدامه إحدى سيارات الشركة التي يعمل بها لتوصيلة من منزله إلى مقر عمله، وبالعكس دون أن يدفع الاشتراك المقرر .
3ــ إن شاغلي الوظائف العليا، هم الذين يملكون سلطة اتخاذ القرارات المصيريّة في الحياة.
المنظمات الإداريّة، وهم أكثر الموظفين اتصالًا بأسرار وخبايا العمل.

وبالتالي فإن أخطاءهم الوظيفيّة تأتي في الغالب أشد جسامة وخطورة من تلك التي يرتكبها صغار العاملين، الأمر الذي يُحتم توسيع قائمة العقوبات الخاصة بهم على النّحو الذي يُسمح للسلطة التأديبيّة بمواجهة كل خطأ بالعقوبة المناسبة.

4ــ لا يجوز التذرع بمكانة وهيبة الوظائف الكبرى للإقلال من عدد الجزاءات التي يمكن توقيعها على شاغليها، بل العكس هو الصحيح؛ فالمركز الهام والمتميز للوظائف التي يشغلها كبار الموظفين، يبرر أن تُوضع لهؤلاء عقوبات متنوعة تتلائم مع درجة وأهميّة الوظائف التي يشغلونها، وبالتالي جسامة ما قد يرتكب في نطاقها من أخطاء.

5ــ إن تحديد العقوبات الجائز توقيعها على شاغلي الوظائف العليا في أربع عقوبات فقط يُؤدي إلى إحراج سلطة التأديب التي لن يخرج موقفها عن أحد احتمالين كلاهما غير مقبول، فهي إما تقوم بتوقيع عقوبة بسيطة كالتنبيه أو اللوم، وإما تُسلط طريق التشدد فتلجأ إلى الفصل من الخدمة أو الإحالة إلى المعاش عن أخطاء لا تستحق مثل هذه العقوبات القاسيّة الأمر الذي يُشكل ظلمًا بينًا للموظف.

المبحث الثالث:- انقضاء العقوبة التّأديبيّة عن طريق الإدارة.
العقوبة التأديبيّة تنقضي أما عن طريق الإدارة بما تملكه من حق سحب القرارات التأديبيّة علاوة على سلطتها في محل العقوبة, وإما بواسطة القضاء بمناسبة الطعن أمامه في القرارات أو الأحكام التأديبية.

أولًا:- سحب القرارات التأديبية:-
السحب بوجه عام, هو إزالة الآثار المترتبة على القرار بالنسبة للماضي والمستقبل وُيلاحظ هنا أن السّحب في المجال التأديبي ينصرفُ فقط إلى القرارات التأديبيّة الفرديّة الصادرة من الرؤساء الإداريين. أما القرارات التي تُصدرها مجالس التأديب , ومن باب أولى العقوبات الموقعة بأحكام تأديبية, فلا يجوز الرجوع فيها إلا عن طريق أوجه الطعن الذي ينظمها المشرع.
ولبيان الأحكام الخاصة بسحب القرارات التأديبيّة يجب التفرقة بين القرارات المشروعة من جهة والقرارات غير المشروعة من جهة أخرى.

1- القرارات التأديبيّة المشروعة:-
القرار المشروع هو الذي لا يكون مشوبًا بعيب من العيوب التي يترتب عليها الحكم بإلغائه.
والقاعدة التقليديّة السائدة في هذا الشأن تقضي بعدم جواز سحب القرارات الإداريّة السليمة. وذلك لأنها نظريّة السحب لم تقم إلا بقصد تمكين الإدارة من تصحيح قراراتها الخاطئة، وبالتالي مادام القرار قد صدر سليمًا فلا تملك أيّة سلطة سحبه أو إلغائه. وقد رددت محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإداريّة العليا هذه القاعدة في أحكامها ، كما أشارت إليها أيضًا الجمعيّة العموميّة للقسم الاستشاري في فتواها بتاريخ 19 يونيّه 1955، حيث ذهبت إلى أن القرار المراد سحبه لابد وأن يكون صدر مخالفًا للقانون.

أما إذا قام الجزاء التأديبي على أسباب صحيحة, مستوفيًا شرائطه القانونيّة, فإنه يمتع على جهة الإدارة أن تنال منه سواء بالسحب أو الإلغاء أو التعديل لانتفاء العلة التي شرعت من أجلها قواعد السحب والتظلم, وذلك احترامًا للقرار واستمرارًا للأوضاع وتحقيقًا للمصلحة العامة التي تتطلب أن يكون الجزاء التأديبي زجرًا لمن وقع عليه وعبرة لغيره من الموظفين .

غير أن القضاء, في فرنسا ومصر, قد سمح في بعض أحكامه بسحب القرارات الإداريّة المشروعة في أي وقت إذا لم يترتب عليها حقوقًا للغير. وهو ما يتحقق بحسب الأصل في القرارات الصادرة بتوقيع الجزاءات التأديبية. وفي ذلك تقول محكمة القضاء الإداري ” إن القرارات الإداريّة الفرديّة لا تنشئ مزايا أو مراكز أو أوضاعًا قانونيّة لمصلحة فرد من الأفراد لا يكون من المناسب حرمانهم منها.

ولا شبهة في أن القرار الصادر بتوقيع جزاء على الموظف لم تتعلق به مصلحة أحد الأفراد, كما أنه لم يتولد.
الجزاء التأديبي لا ينشئ مركزًا قانونيًا لصالح أحد. كما ساير قسم الرأي هذا القضاء، مخالفًا بذلك مسلكه السابق, حيث جاء في فتواه بتاريخ 8 أغسطس 1957 أنه” لما كان الأصل في القرارات التأديبيّة أنها لا تُنشئ مزايا أو مراكز أو أوضاعًا بالنسبة للأفراد فإنه يجوز سحبها في أي وقت دون التّقيد بميعاد معين.

إلا إذا ترتّب على هذه القرارات في حالات استثنائيّة نادرة ميزة أو مركز لأحد الأفراد فلا يجوز سحب القرار التّأديبي إلا خلال ميعاد رفع دعوى الإلغاء “كما أجاز القضاء الفرنسي والمصري سحب القرارات المشروعة الصادرة بفصل الموظفين العموميين؛ وذلك لاعتبارات تتعلق بالعدالة والرحمة, لأن المفروض – كما تقول محكمة القضاء الإداري – أن تنقطع صلة الموظف بالوظيفة بمجرد فصله، وأنه يجب لإعادته إلى الخدمة صدور قرار جديد بالتعيين. ولكن قد يحدث خلال فترة الفصل أن تَتغير شروط الصلاحيّة للتعيين, وقد يبدو أمر التعيين مستحيلًا, أو قد يُؤثر الفصل تأثيرًا سيئًا في مدة خدمة الموظف أو في أقدميته. ومن جهة أخرى قد تتغير الجهة التي تختص بالتعيين؛ فتصبح غير تلك التي فصلت الموظف, وقد لايكون لديها الاستعداد لإصلاح الأذى الذي أصاب الموظف بفصله أو غير ذلك من اعتبارات العدالة التي توجب علاج هذه النتائج الضارة .

وقد أقرّت المحكمة الإداريّة العليا نفس المبدأ؛ فأكدت أن قرار الفصل سواء اعتبر صحيحًا أو غير صحيح فسحبه جائز على أي الحالين. فلو أن الأصل أن السحب لايتم إعمالًا لِسلطة تقديريّة, إلا أنه من الجائز إعادة النّظر في قرارات فصل الموظف وسحبها لاعتبارات تتعلق بالعدالة .

ولكن تُجدر الإشارة إلى أن القضاء يشترط لجواز سحب قرارات الفصل السليمة ألا تكون الإدارة قد عيّنت موظفًا أخر في وظيفة الموظف المفصول؛ لأن السّحب في هذه الحالة يَعني فصل الموظف الجديد، وهو مالا يجوز قانونًا لما فيه من اغتصاب لحقه المكتسب .

ومعنى ذلك, بمفهوم المخالفة, أن الإدارة تستطيع أن تسحب القرار الصادر بفصل الموظف من الخدمة في أي وقت إذا لم تكن قد أسندت الوظيفة إلى موظف أخر بدلًا من الموظف المفصول.

2 – القرارات الـتأديبيّة غير المشروعة:-
من حق الإدارة, بل ومن واجبها, أن ترجع في القرارات غير المشروعة وإصلاح الأوضاع المخالفة للقانون. ولايُقيد من سلطتها في هذا الصدد سوى ضرورة الحفاظ على الأوضاع والمراكز القانونيّة التي نشأت عن القرار غير المشروع، الأمر الذي يستلزم أن يتم سحب هذا القرار خلال مدة الطعن القضائي بالإلغاء.ونظرًا لأن القرارات التأديبيّة لاتنشئ – كقاعدة عامة – مزايا أو مراكز قانونيّة للغير, فإن هذه القرارات يجوز سحبها في أي وقت. ولا يجوز القول بأن القرار الصادر بتوقيع جزاء تأديبي على موظف معين قد يُفيد بطريق غير مباشر بعض زملائه. إذ من الصعب اعتبار هذا الموضوع مركزا قانونيًا يتعين احترامه عند السّحب فالجزاء التأديبي كما تُقرر محكمة القضاء الإداري “لايُنشئ مركزًا قانونيًا لصالح فرد من الأفراد بل على العكس من ذلك إنما يقوم على المصلحة العامة وحدها وضمان حسن سير العمل, فإذا رأتْ الإدارة أن الجزاء التأديبي الذي أوقعته على موظف لم يكن قائمًا على سبب يبرره، فإن المصلحة العامة والحالة هذه تَقضِي بسحبه, ولا يمكن القول بأن للإدارة مصلحة في الإبقاء على عقوبة وقعت بغير مبرر” .

ثانيًا: محو العقوبات التأديبية:-
يقصد بمحو العقوبات التأديبيّة إزالة ما ترتب عليها من آثار واعتبارها كأن لم تكن بالنسبة للمستقبل, وذلك مع بقاء أثرها على الحقوق والتعويضات التي ترتبت عليها في الماضي.
ونبين فيما يلي شروط المحو والسلطة المختصة بإجراءاته:-
1- شروط المحو:
استلزم المشرع شرطين أساسيين لمحو العقوبات التأديبية: أحدهما يتعلق بضرورة مرور فترة زمنيّة محددة, والأخر يتصل بسلوك الموظف وعمله .
أ‌- فمن ناحية, يلزم لمحو العقوبة ضرورة مرور الفترة الزمنيّة التي حددها المشرع لكل عقوبة على حده.
ب‌- ومن ناحية أخرى, اشترط المشرع لمحو العقوبة – بالنسبة لغير شاغلي الوظائف العليا – أن يكون سلوك الموظف وعمله مرضيين من واقع التقارير السنويّة المقدمة عنه وملف خدمته وما يبديه الرؤساء بشأنه.

2- السُّلطة المختصة بإجراء المحو:
اتجه المُشرع, في قوانين العاملين السابقة على القانون الحالي, إلى توحيد السُّلطة المختصة بمحو العقوبات التأديبيّة بالنسبة لكافة الموظفين.
فكانت هذه السُّلطة, في القانون رقم 210 لسنة 1951, هي الوزير بعد استطلاع رأي لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة. ثم أصبحت هذه السُّلطة, في القانون رقم 46 لسنة 1964 والقانون رقم 58 لسنة 1971, هي لجنة شئون العاملين.
أما القانون الحالي رقم 47 لسنة 1978 فقد ميّز بين طائفتين من الموظفين على النحو التالي:
أ‌- الموظفون من غير شاغلي الوظائف العليا, ويتم المحو بالنسبة لهم بقرار من السُّلطة المختصة, أي من الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة المختص بحسب الأحوال.
الموظفون من غير شاغلي الوظائف العليا, ويتم المحو بالنسبة لهم بقرار من لجنة شئون العاملين.

(الفصل الثالث)
العقوبات غير المباشرة للمفرج عنهم.
لكل من الأفراد بشكل عام الذين ارتكبوا جرائم مخلة بالشرف أو الأمانة عقوبات نصَّ عليها القانون. وبعد قضائهم لهذه العقوبة يُحاولون أن يُباشروا حياتهم الطبيعيّة، ويندمجوا مع المجتمع بشكل طبيعي ولكنهم يتعرضون لبعض المُعوقات التي تَحول دون اندماجهم مع المجتمع مرة أخرى ولكن ما هي هذه المعوقات؟ هذا ما سوف نتعرض إليه في هذا الفصل.

المبحث الأول: مُعوقات تَحول دون دمج المفرج عنه في مجتمعه مرة أخرى
يعتبر كل ما سبق هو من المعوقات التي تَمنع إعادة الدمج بصورة كاملة للمفرج عنهم، ومن خلال خبرة عمل مبادرة ابدأ للتأهيل والبحث العلمي في مجال توثيق حالات صعوبات الدمج والخدمات التي تقدمها مُؤسسة حياة للتنميّة لتلك الحالات تبيّن وجود الآتي:

1- استمرار العقوبة اللاحقة للمفرج عنهم بعد قضاء مدتها المحددة قانونًا داخل السجن، وذلك في حالة المتهمين بجرائم مخلة بالشرف، حيث يتم إقالتهم من أعمالهم الحكوميّة أو منع تقدمهم للعمل في أي جهة، نظرًا لوجود سجل جنائي سابق.

وعند النظر إلى المبدأ الدستوري الذي يمنع تنفيذ عقوبتين على جريمة واحدة، نجد أن العقوبات اللاحقة تصطدم تحديدًا معه في حالة الجرائم المُخلة بالشرف.

(2- المدة الزمنيّة المحددة قانونًا لرد اعتبار المفرج عنهم واستطاعتهم ممارسة حقوقهم القانونيّة والترشح للانتخابات، وحتى الحصول على عمل حكومي ومحو سجلهم الجنائي.

( 3 ) سنوات في قضايًا الجنح و 6 سنوات في قضايًا الجنايات ) تعتبر أحد صعوبات الدمج لطول تلك المدة أولًا، ولعدم وجود داع لها في حالة السابقة الأولي.

وتعتبر من وجهة نظر المبادرة والمؤسسة من العوائق التي تمنع استمرار الحياة الكريمة بعدم وجود مورد رزق للمفرج عنهم، كما أنها تُشجع على العودة للجريمة مرة أخرى بحثًا عن وسائل لإعالة أسرهم.

4- عدم وجود جهات حكوميّة معتمدة تقوم بإقراض المفرج عنهم بشروط ميسرة. كما هو متبع في بنك ناصر الاجتماعي والصندوق الاجتماعي وكليهما من المفترض قيامه بمساعدة الفئات المهمشة إلا أن لوائح كليهما تقتضي تقديم صحيفة حالة جنائيّة دون سوابق وشروط أخرى تعجيزيّة لا يستطع من أفرج عنه توفيرها بعد خروجه مباشرة؛ مما يجعله فريسة لطرق الاقتراض الأخرى التي قد تتسبب لعودته إلى السِّجن مرة أخرى.

*شروط بنك ناصر للاقتراض:-
لقد أُنشِئَ بنك ناصر الاجتماعي عام 1971 بهدف خلق نشاط اجتماعي يهتم بالفقراء ومحدودي الدخل؛ يعتبر البنك رائد البنوك الاجتماعيّة والإسلاميّة في مصر والعالم العربي وذلك عبر – منح قروض للمواطنين – قبول الودائع وخاصة الودائع الادخاريّة وتنظيم استثمارها – استثمار أموال البنك في المشروعات العامة والمشروعات الخاصة – منح إعانات ومساعدات للمستحقين لها من المواطنين، إلا أنه في الواقع التطبيقي يظهر تباعد القرارات الصادرة عن مصلحة الفئة المستهدفة، وتظهر بعض القرارات أيضًا عدم وضوح أو تكامل الهدف من مساعدة الفئات المُهمشة، والتي تكون في أمس الحاجة لهذه المساعدات، فعلي سبيل المثال، قرارات القروض من بنك ناصر والتي تستهدف في المقام الأول الفئات الأشد احتياجًا ومنها السُّجَناء السابقين والتي تسعى الدولة وفقًا لقوانينها إلى إعادة دمجهم داخل المجتمع، وإعادتهم إلى مواطنين صالحين.

شروط الصندوق الاجتماعي للتنميّة للحصول على قرض:
يكفي الاطلاع على المستندات المطلوبة للحصول على قرض ومثلها للحصول على منحة مشروع صغير حتى يمكننا فهم كل ما سبق من وجود صعوبات الاقتراض لفئة المفرج عنهم.

ونرى من ذلك أن بنك ناصر الذي يخضع لسياسات البنك المركزي والصندوق الاجتماعي لايُعطي لهذه الفئات من المواطنين الحق في الاقتراض للبدء في استعادة حياة كريمة كباقي فئات المجتمع التي لها الحق في الاقتراض، مما يعتبر أوّل المعوقات التي تجبر هذه الفئات إلى البحث عن مصادر أخرى لكسب المعيشة بطريقة شريفة، حيثُ تبدأ اتجاهاتهم تتحول إلى الجهات غير الحكوميّة، والتي لاتَشترط أو تطلب الكثير من الأوراق الرسميّة والتفاصيل الخاصة مثل: المؤسسات الأهليّة والخيريّة، بالرغم من أن معظم هذه المؤسسات يَنهج في كثير من الأحوال نفس نَهج بنك ناصر في لوائحها الداخليّة، ولو بطريق غير مباشر.

1- انعدام ثقة المجتمع الشرقي في المفرج عنهم:-

خلال فترة قضاء العقوبة يتم إعداد السُّجَناء وتعليمهم لبعض الحرف، ومنهم من يستجيب بدرجة فائقة لهذا الإعداد، ويتحول إلى حرفي ناجح ولكنه حينما يخرج لمواجهة المجتمع، يصطدم بثقافة مجتمعه الذي لا يفرق بين الشخص الذي يصرُّ على الاستمرار في الطريق الإجرامي، والشَّخص الذي ارتدع من العقوبة، وقرر المُضي في طريق الإصلاح الذي بدأته له مصلحة السُّجون، بالرغم من أنه من الممكن أن يكون على درجة كفاءة أكبر من أي مواطن أخر، لم يمر بنفس الظروف والدليل على ذلك أن الجهات الحكوميّة، هي أوّل من يغلق جميع الأبواب أمام هذه الفئات باعترافها مسبقًا بأنهم غير أهل للثقة، حيث ترفضهم قبل تجربتهم؛ لأنها تشترط خلو الصحيفة الجنائيّة من أي سابقة للأفراد الذين تختارهم للعمل. فدائما ما يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى المؤسسات الأهليّة والخاصة للعمل بها دون أن يحذوا بالقبول، وإن أخذوا فرصتهم يتعاملون معاملة خاصة تُشعرهم بأنهم غير آمنين أو موثوق فيهم مما يشتت تركيزهم، ويضعف إنتاجهم، حيث من باب أولى أن تتبناهم الجهات الحكوميّة التي كانت مسئولة عن تهذيبهم وإصلاحهم، حيث اعتبرت أن مهمتها تمت بنجاح حين اِتخذت قرار الإفراج عنهم، فَلِمَ لا تقبلهم في مؤسساتها كموظفين تم إصلاحهم وتذهيبهم على يديها وبنهجها، فطالما المدرس رفض تلميذه بعد أن أعطاه شهادة النجاح سيرفضه الجميع، فهل نلوم بعد ذلك الهيئات والمؤسسات الأهليّة والخاصة على رفضهم لهؤلاء بعد أن رفضتهم الحكومة؟!

مبادئ أساسيّة دوليّة تلزم الدول بتسهيل عمليات الدمج المجتمعي لفئة المفرج عنهم، ونبين هنا المبادئ الأساسيّة لمعاملة السُّجَناء بموجب قرار الجمعيّة العامة للأمم المتحدة في فقراتها الرابعة والثامنة والعاشرة والحاديّة عشر:-

المبادئ الأساسيّة لمعاملة السجناء:
اعتمدت ونشرت على الملأ بموجب قرار الجمعيّة العامة للأمم المتحدة فى111/54 المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1990
1- تضطلع السُّجون بمسؤوليتها عن حبس السُّجَناء وحمايّة المجتمع من الجريمة بشكل يتوافق مع الأهداف الاجتماعيّة الأخرى للدولة ومسؤولياتها الأساسيّة عن تعزيز رفاه ونماء كل أفراد المجتمع.
2- ينبغي تهيئة الظروف التي تُمكن السُّجَناء من الاضطلاع بعمل مفيد مأجور ييسر إعادة انخراطهم في سوق العمل في بلدهم، ويُتيح لهم أن يساهموا في التكفل بأسرهم وبأنفسهم ماليًا.

3- ينبغي العمل، بمشاركة ومعاونة المجتمع المحلي والمؤسسات الاجتماعيّة ومع إيلاء الاعتبار الواجب لمصالح الضحايا، على تهيئة الظروف المواتيّة لإعادة إدماج السُّجَناء المطلق سراحهم في المجتمع في ظل أحسن الظروف الممكنة.

4- تُطبق المُبادئ المذكورة أعلاه بكلِّ تجرد.
وبعد الاطلاع على هذه المبادئ لانرى أي دور ملزم للهيئات الحكوميّة تبنيها لهذه الفئات التي تدربت على يدها أثناء قضائهم لمدة عقوبتهم؟

(المبحث الثاني)
مسارات التصحيح التي تتبناها مؤسسة حياة للتنميّة والدمج المجتمعي ونماذج ناجحة فيها.

أولًا: الاتجاهات الإداريّة والقانونية:
نرى من وجهة نظرنا، أن بعض القرارات الإداريّة هي عقوبة في حد ذاتها، وإن لم يكن قد نصَّ عليها حكم المحكمة ضد المحكوم عليه إلا أنه طُبِقَ عليه بعد قضائه لمدة العقوبة والإفراج عنه، حيث تقف حائل دون إعادة دمجه داخل مجتمعه، لذلك يجب إعداد مشروع قانون يُجيز للمفرج عنه (الموظف) الحصول على فرصة أخرى لإثبات نجاح العقوبة التي حددها القانون، والتي استجاب لها المفرج عنه في إعادة تهيئته كمواطن صالح يتساوى مع أي مواطن أخر، ومن الأولي أن تُتاح له هذه الفرصة في نفس الجهات التي فقدت الثقة فيه لإعادة دمجه فيها.

ثانيًا: الاتجاهات الإعلامية:
نظرًا لسوء نظرة المجتمع الشرقي للمفرج عنهم وحرمانهم من حقوقهم الطبيعيّة في الزواج والالتحاق بالوظائف سواء حكوميّة أو غير حكوميّة والانخراط في العلاقات الاجتماعيّة الطبيعيّة، مما يحمل الإعلام مسئوليّة كبيرة ودور توعوي في إظهار حالات النَّجاح والانتصار على لحظات الضعف التي واجهها هؤلاء واعتبارهم نماذج مشرفة لمن ينحرف عن المسار السليم، ويستطيع هزيمة النفس الأمارة بالسوء والعودة إلى المسار الذي يسلكه أي مواطن صالح في نظر المجتمع، حيث إن درجة تركيز الإعلام على حالات الانحراف والإجرام تفوق بكثير عرض حالات التّصحيح التي ينجح فيها هؤلاء بل ويتفوقون على كثير من سواهم.

ثالثًا: الاتجاهات الاقتصادية:
نظرًا لعدم وجود قنوات تمويل أو توظيف لهذه الفئات خاصة بهم؛ فنرى تأسيس بعض المؤسسات التي تتبنى هؤلاء من البدايّة من حيث رأس المال والإنتاج والتسويق والإدارة الناجحة لإثبات أن هذه الفئة قادرة على النَّجاح إذا ما أُتِيحَت لها الفرصة والمناخ السليم.

حالات نموذجية
بعض النماذج التي تبنتها مؤسسة حياة للتنميّة والدمج المجتمعي
قضايا الرفع من التسجيل الجنائي.
التسجيل الجنائي واحد من أهم الملفات التي تعمل عليها مبادرة ابدأ للعدالة المجتمعيّة وحقوق الإنسان لمساعدة أي سجين سابق على الاستقرار والاندماج والعيش في حياة آمنة ومطمئنة وخاليّة من أي مخاطر قد يواجهها.
الإجراءات التي يتم اتخاذها:
أولاً – إرسال خطاب مُسجل بعلم الوصول مُوجه إلى السّيد اللواء / وزير الداخلية، وأخر موجه إلى السيد اللواء/ مدير مديريّة أمن الشرقية، وثالث موجه إلى السيد اللواء / مدير فرع الأدلة الجنائيّة، وذلك لرفع اسم السّجين السابق من التسجيل الجنائي.

وفي حال امتناع الجهة الإدارية، يتم اللجوء إلى قضاء مجلس الدولة بعد تقديم طلب إلى لجنة فض المنازعات بأكاديميّة الشرطة بالعباسيّة عن طريق طلب مقدم إلى اللجنة كإجراء أولي قبل ثم تم رفع الدعوى أمام محكمة مجلس الدولة بدائرة قضاء إداري بالشرقية.

حالات نموذجية
الحالة الأولي (م.ر) وقد تبين أنه يُعاني من مشاكل متعلقة بإدراج اسمه في صحيفة الحالة الجنائيّة المتمثلة في حالة العجز الكلي، وقد تمَّ رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، والتي قُيّدت تحت رقم 14758 لسنة 19ق قضاء إداري الشرقيّة، وقد حددت جلسة (تحضيري) بتاريخ 3/5/2015، وبتلك الجلسة تمَّ حجز الدعوى للتقرير.

الحالة الثانيّة (ع.ا) والذي كان يُعاني أيضًا من مشاكل بإدراج اسمه في صحيفة الحالة الجنائيّة نتيجة وجود عددٍ من القضايا منها ” مخدرات، سرقة، ضرب”؛ ولأنه يريد محو اسمه من سجلات وزارة الداخليّة المتمثلة في توقف الحالة عن النشاط لمدة تزيد عن ستة أعوام متتاليّة، وقد تمَّ رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، والتي قُيِّدت تحت رقم 14759 لسنة 19 ق قضاء إداري الشرقيّة، وقد حددت جلسة (تحضيري) بتاريخ 3/5/2015، وبتلك الجلسة تمَّ حجز الدعوى للتقرير.
الصعوبات
1ــ البُطء في الإجراءات الحكومية.
2ــ نظرة رجال الشرطة للمسجل واعتباره فئة غير مرحب بها في المجتمع.
3ــ إدراج أسماء المسجلين والقبض عليهم عند حدوث أيّة جريمة.
المطلوب
1ــ لا يجوز تسجيل متهم ما لم يقضِ القضاء بإدانته، وبعد أن يصبح الحكم نهائيًا باتًا.
2ــ إنفاذ القانون لرفع التسجيل وفقًا لما حدده القانون من شروط، وهي الوفاة, العجز الكلي أو الجزئي, أو توقف النشاط الإجرامي للسّجين.
3ــ محو السابقة الأولى من صحيفة الحالة الجنائيّة لأصحاب السوابق الأولي لتسهيل العمل والتّشغيل.
قضايًا العقوبات اللاحقة
المادة (31) الدستور المصري:”الكرامة حق لكل إنسان يكفل المجتمع والدولة احترامها وحمايتها”
المادة (50) من القانون المدني “لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصه أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر”

قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47لسنه1978 المعدلة بالقانون العاملين المدنيين الجديد 2015الصادر بقرار رئيس الجمهوريّة رقم 18 لسنه2015، والتي أكّد عليها من قبل الدستور المصري في الفقرة الثانيّة من مادته(63) التي تنصُّ على “تكفل الدولة حق كل عامل في الأجر العادل والأجازات والتقاعد والتامين الاجتماعي والرعايّة الصحيّة والحمايّة ضد مخاطر العمل، وتوافر شروط السلامة المهنيّة في أماكن العمل وفقًا للقانون، ولا يجوز فصل العامل إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون” ويتجلى دستورنا في حفاظه على كرامة وحريّة الإنسان المصري وحمايّة حقوقه الشخصيّة في مادته (34)التي تنصُّ على “الحريّة الشخصيّة حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس” وأيضًا في مادته (81) التي تنصُّ على”الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لاتقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا…..” وبناء على نصوص الدستور المصري التي تَحمي وتصون كرامة والحريّة الشخصيّة للإنسان المصري وفئات المُفرج عنهم بصفة خاصة، وقضايا العودة للعمل بصفه مستعجلة بعد الخروج من السّجن، وعدم دستوريّة بعض مواد القانون، وقرارات اللجنة بإنهاء خدمة العامل بصفة خاصة(المفرج عنهم) مع صرف كافة المستحقات الماليّة والحقوقيّة للعامل من يوم الانقطاع عن العمل، وخاصة إذا كانت الأسباب التي بَنَت عليها اللجنة قرارها أن الانقطاع كان بسبب الجرائم المُخلة بالشرف والأمانة من وجهة نظرهم القانونيّة ومنها التزوير مثلًا، وطبقًا للقانون رقم47لسنه1978 والمعدل بالقانون الجديد2015
حالة نموذجيّة
– السيدة (ن ب) التي تبيّن بعد خروجها من السجن على أثر جريمة تزوير عدم السماح لها من قبل مديريّة التربيّة والتعليم بعودتها للعمل مرة ثانية، وفوجئت بفتح تحقيق معها، وذلك بسبب انقطاعها عن العمل مع العلم أنه لم يصدر قرارًا بإنهاء خدمتها من يوم انقطاعها عن العمل حتى تاريخ صدور قرار لجنة شئون العاملين فى1/6/2015 الذي صدر مسببًا بارتكابها جنايّة تزوير في محررات رسميّة مع العلم أن الحكم جاء معاقبًا بالحبس فقط، ولم يتطرق إلى الفصل من الوظيفة وأيضًا جاء بوصف الحالة أنها ليست من أرباب الوظائف العمومية، وأيضًا تمَّ نقض الحكم، وقَبِلَتْ محكمة النقض بنقض الحكم وبإحالته إلى دائرة أخرى أيضًا أنه طبقًا لقانون الإجراءات الجنائيّة لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة مرتين، مع العلم أن المادة 98من القانون رقم47لسنه1978 الذي على أثر مواده تمّ صدور قرار إنهاء خدمة الحالة نصت في فقرتها الثانيّة على “…..في الحالات التي يعتبر العامل مقدمًا استقالته يتعيّن على جهة الإدارة إنذار العامل كتابة بخطاب مصحوب بعلم الوصول بعد انقطاعه لمدة خمسة أيّام في حالة انقطاعه أكثر من خمسة عشر يومًا، ولمدة عشرة أيّام في حالة انقطاعه أكثر من ثلاثين يومًا”
– أيضًا نص المادة 99 من ذات القانون تنصُّ على “يصرف للعامل أجره إلى اليوم الذي تنتهي فيه خدمته لأحد الأسباب المبينة في المادتين80 والمادة 94″
– أيضًا نص الماده100من نفس القانون تنصُّ على” إذا حُكِمَ على العامل بالإحالة إلى المعاش أو الفصل انتهت خدمته من تاريخ صدور الحكم مالم يكن موقوفًا عن عمله فتعتبر خدمته منتهيّة من تاريخ وقفه، ويستحق عليه تعويضًا يُعادل أجره إلى يوم إبلاغه الحكم إذا لم يكن موقوفًا عن العمل”
ـ أيضًا طبقًا للمادة 84 من ذات القانون التي صدر القرار طبقًا لصلاحيّة اللجنة الواردة في نصِّ المادة والمعدلة بالقانون الجديد في المادة رقم61 والذين نُطالب بعدم دستوريتهما لمعارضتهم الحقوق الشخصيّة وكرامة الإنسان المصري الواردة في الدستور الجديد، وباقي الدساتير السابقة ولمعارضتهم نصوص القانون المدني، وأيضًا لمعارضتهم الدستور من حيث سلب اختصاص السلطات، حيث تمَّ سلب اختصاص القضائي في الفقرة الثانيّة من نص المادة وإعطائها إلى السلطة التنفيذيّة في نصها”… وإذا لم يكن من شأن الحكم الجنائي إنهاء خدمة الموظف يُعرض أمره عند عودته إلى عمله على السلطة المختصة لتقرير مايتبع في شأن مسئوليته التأديبية” والمنصوص عليه في الماده98 من القانون رقم139لسنه1981 التي تنصُّ على”كل من يحبس تنفيذًا لحكم جنائي بقوة القانون يوقف عن عمله مدة حبسه، ويُحرم من نصف أجره تنفيذًا لحكم جنائي، وإذا لم يكن من شأن الحكم الجنائي إنهاء الخدمة يُعرض الأمر عن عودته على المحافظ لتقرير ما يتبع في شأن مسئوليته التأديبية”، ويصيبهم عوار في جعل الاختصاص للجهة التنفيذيّة الذي من المفترض أن صاحب الاختصاص النَّوعي في هذه الحالة هي الجهة القضائيّة لاعتبار من يملك الأعم أو الكلي يملك الجزئي طبقًا للقانون، وفي الحالة(ن ب) باعتبار حق العمل والتوظيف والتّعايش التي نصَّ عليها الدستور والقانون من الحقوق الشخصيّة والملازمة لشخص الحالة، وبالاعتداء عليه من قبل الجهة الإداريّة بصدور قرارها بإنهاء خدمة الحالة، فكان من اللازم أن يوقف هذا الاعتداء غير القانوني مع التّعويض كما قرره القانون المدني في المادة 50 منه، وباعتبار الجهة القضائية، هي صاحبة الولايّة في إصدارها الحكم بالحبس لكانت أصدرت حكم تبعي لحكم الحبس بالفصل من الخدمة، ولكن الحكم جاء خاليًا من أي حكم تبعي بذلك، ولم يتطرق إلى المسئوليّة التأديبيّة للحالة بسبب عدم ارتكاب الحالة الواقعة أثناء العمل أو داخل منظومة العمل بذكره في حكمة عبارة أنها ليست من أرباب الوظائف العمومية.

ما تم اتخاذه من إجراءات
التظلم من القرار الإداري للجهة الإداريّة والتنفيذيّة بخطاب مصحوب بعلم الوصول، ولم يتم الرد من قبلهم تجاه هذا التظلم في خلال 60 يومًا من تاريخ الإعلان بقرار إنهاء الخدمة للحالة.

تقديم طلب إلى لجنة فض المنازعات، رفع دعوى بالقضاء الإداري بمجلس الدولة بالزقازيق بعد مرور مده60يومًا من تاريخ إعلان الحالة بقرار إنهاء الخدمة، والتي نُطالب فيها بسرعة سحب وإلغاء قرار الجهة الإداريّة بصفة مستعجلة الصادر بإنهاء الخدمة للحالة مع صرف كافة المستحقات للحالة منها الماليّة من تاريخ انقطاعها عن العمل طالما لم يصدر قرارًا، بإنهاء خدمتها أو إنذارها بالانقطاع مع التعويض المادي والأدبي طبقًا للقانون.

الدفع بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستوريّة العليا للنظر في عدم دستوريّة بعض نصوص قانون العاملين المدنيين. رقم47لسنة1978والذي تمَّ تعديله بصدور قانون الخدمة المدنيّة الجديد2015
حالات أخرى
بناء على الاتصال التليفوني بالمؤسسة توجه ( م.م.ا )الذي يسكن 7ش المعلمين – الحسنيّة – الزقازيق أوّل, يبلغ من العمر22 سنة, الحالة الاجتماعيّة (أعزب) الحالة التعليميّة (دبلوم تجارة), ويسكن بمنزل (إيجار 500 جنيه), حيث كان مسجونًا في قضيّة مخدرات تم تلفيقها له، حيث كان يعمل سائق تاكسي يستقله من يحملون المخدرات، وقضى فترة العقوبة ثلاث سنوات، وخرج من السجن لبدء حياة جديدة، ولكن لم يتقبله المجتمع لذلك لجأ إلينا لتوفير فرصة عمل له.

ويعمل عاملًا في أحد المصالح الحكوميّة، حيث تم إنهاء عمله الحكومي نتيجة فترة سجنه؛ مما حوّل حياته إلى جحيم، ولم يستطع توفير أي مورد رزق أخر.
خدمات المؤسسة:
1- توفير فرصه عمل له.
2- توفير جلسات نفسيّة وتوعيّة لتحسين حياته.
3- توفير جلسات لعلاج الوصمة المجتمعية.

بناء على الاتصال التليفوني بالمحامي توجهت إلى المؤسسة (س.ج.ع ), التي تسكن قريّة أبوسعد –السنيطة – مركز فاقوس, تبلغ من العمر47 سنة, الحالة الاجتماعيّة (مطلقة) الحالة التعليميّة (دبلوم تجارة), وتسكن بمنزل (ملك لوالدتها)، وهو بالطين ولا يوجد سقف ولا حمام، وهي تمر بأزمة نفسيّة وماليّة بسبب عدم وجود مصدر دخل لها, حيث كانت مسجونة في قضيّة زنا لفقها لها طليقها، وتمَّ الحكم عليها بسنتين، وعانت من ظلم شديد داخل السجن وانتهاكات من قبل أمناء الشرطة بمعرفة الضباط والمأمور، وتم احتجازها في سجن بورسعيد، وبعد قضاء العقوبة لم يتقبلها أهلها ولا المجتمع، وتُعاني من عدم وجود دخل شهري ثابت لها، ولم تستطع التقدم لأي عمل نتيجة سجلها الجنائي.
خدمات المؤسسة:
1- توفير جلسات نفسية.
2- تقديم التوعيّة بكيفيّة إدارة مشروع.
3- توفير المساعدة القانونيّة لحل جميع القضايا المرتبطة.
4- توفير دخل شهري ثابت لها.
5- توفير بناء سقف لها وحمام داخل المنزل.
استقبلت المؤسسة (ن. ا. ف) والذي تبلغ 47سنة, تسكن بكفر عوض سلمان – مركز الإبراهيمية, تسكن في شقة (ملك لزوجها), الحالة الاجتماعيّة (متزوجة) , (الحالة التعليميّة (لاتقرأ ولا تكتب), الأولاد (لديها 3أولاد), مريضة بفيرس c , ولها قضيّة خيانة أمانة، وتمَّ الحكم فيها بسنة حيث قضت العقوبة كاملة..
كانت تعمل في إحدى المدارس الحكوميّة كعاملة، حيث تمّ الاستغناء عنها بعد خروجها من السجن.
ولا تستطيع تبعًا للقانون الاقتراض من أي جهة بفائدة بسيطة تمكنها من إقامة مشروع، كما أنها لا يمكنها التقدم للصندوق الاجتماعي للتنميّة نظرًا لشروطه المُجحفة، والتي لا يمكن للمفرج عنهم تنفيذها.

خدمات المؤسسة:
1-توفير مساعدة إنسانيّة (ماديّة – معنوية).
2- توفير جلسات نفسيّة لإعادة التوازن النفسي إلى الحالة.
4- توفير المساعدة القانونية.
5- توفير المساعدة الطبيّة اللازمة للحالة.
6- توفير مشروع بيع خضروات وفواكه أمام منزلها.

التوصيات
1- تغيير الفكر العقابي من عقوبات إيلام إلى عقوبات تغيير.
2- النظر في تعديل المواد القانونيّة الخاصة بالعقوبات التبعيّة والتكميليّة المرتبطة بالجريمة بما يتوافق مع فكرة الدمج المجتمعي، وإعادة تأهيل المفرج عنهم. وما يترتب على ذلك من تعديلات تشريعيّة ولوائح تنفيذيّة خاصة بالقوانين.
3- وضع برامج مجتمعيّة من الدولة لإعادة تأهيل المفرج عنهم.
4- ضم فئة المفرج عنهم من ضمن الفئات المهمشة الأولى بالرعايّة من الدولة.
5- إلغاء القرارات الوزاريّة أو قرارات المحافظين التي تتعارض مع فكرة الدمج المجتمعي.
6- وضع برامج داخل السُّجون تحقق التكامل مع البرامج بعد الإفراج عنهم.
الهوامش

1)مادة (10) من كتاب التعليق على قانون العقوبات المجلد الأول صفحة رقم 101 المستشار مصطفي مجدي رئيس محكمة الاستئناف.

2)الموسوعة الشاملة لأحكام مجلس الدولة.

3)المستشار جندي عبد الملك في الموسوعة الجنائيّة الجزء الرابع ص 786ومابعدها.

4)تجدر الإشارة إلى أن التّشريعات الفرنسيّة القديمة كانت تعرف بعض صور العقوبات التأديبيّة السالبة للحريّة مثل عقوبة الحبس أو الحجز؛ وهي عقوبة بدنيّة تتضمن حبس الموظف المذنب خلال مدة معينة في مكان له علاقة بالوظيفة.د/على محارب، المرجع السابق، ص 228.
5)د. عبد الفتاح حسن، المرجع السابق، ص 265 ؛ د. محمد جودت الملط، المرجع السابق، ص 293.

6)د/ ماجد الحلو، القانون الإداري، مرجع سابق، ص 345، د/ مصطفي عفيفي، مرجع سابق، ص 285.

7)حكم المحكمة التأديبيّة للعاملين بوزارة التعليم الصادر في 5 إبريل 1982 في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية.

8)حكم المحكمة التأديبيّة بوزارة التأمينات الصادر في 31 مايو 1982، دعوى 20 لسنة 24 قضائية.
م2 من التفسير التشريعي رقم 2 لسنة 1966 للقانون رقم 46 لسنة 1964، د/ مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص 253.

9)د/ سليمان الطماوي، مرجع سابق، ص 306.

10)د.على محارب، مرجع سابق، ص 419.

11)المادة 103 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 68 من القانون رقم 46 لسنة 1964 والمادة 65 من القانون رقم 58 لسنة 1971.

12)د.مليكة الصروخ، مرجع سابق، ص 85.

13)حكم المحكمة التأديبيّة لمستوى الإدارة العليا الصادر 23/11/1985 في الدعوى رقم 6 لسنة 27 قضائية.

14)وفقًا لقضاء المحكمة الإداريّة العليا يكون “القرار صادرًا عن مجلس تأديب إذا اتخذ صورة المحاكمة أمام هيئة مُشكلة تشيكلًا خاصًا وفقًا لأوضاع وإجراءات مُعينة رسمها القانون يتعين التزامها، ……” حكمها الصادر في 26/4 1960 / س 5 ص 474.

15)راجع على سبيل المثال: حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 11 إبريل1957 , المجموعة س11, ص254-وحكمها الصادر في 19/7/1970,س14, ص380, حكم المحكمة الإداريّة العليا الصادر في 17/6/1961 ,س6, ص1256-وحكمها الصادر في 17/11/1962,س8, ص57-وحكمها الصادر في 29/6/1968س13, ص1127.

16)فتوى الجمعيّة العموميّة للقسم الاستشاري رقم 173 في 19 يونيّه 1955, المجموعة, س 9 10,ص 756.أشار إليها الدكتور سليمان الطماوي, ص403-404.

17)حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 17/1/1953,س7,ص281.

18)حكم المحكمة الإداريّة العليا الصادر في 27/5/1959,س4,ص9وحكمها الصادر في 27/3/1970,س15,ص229.

19)راجع حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 7/1/1953 سابق الإشارة إليه.

20)الحكم الصادر في 10 /4/1955, س9, ص404.

21)راجع المادة 92 من القانون رقم 47 لسنة 1978.