أخبار عاجلة
الرئيسية / في الصحافة / الآثار الإجتماعية المترتبة على الإحتجاز
مؤسسة حياه 1-12-660x330 الآثار الإجتماعية المترتبة على الإحتجاز

الآثار الإجتماعية المترتبة على الإحتجاز

مؤسسة حياه -جازوتى-300x300 الآثار الإجتماعية المترتبة على الإحتجاز    كتب أحمدعبدالمنعم / أخصائي اجتماعي مؤسسة حياه فرع الأسكندرية .

منذ بدء الخليقة والإنسان يبذل من الجهد المستمر والسعي الحثيث ليدنو من مآربه لإيجاد الأسلوب الأمثل لمواجهة كل معوج من سلوك أو شارد من أفعال وتعددت الآراء وتباينت الأتجاهات وحمل كل منها ما هو صالح مع ما هو طالح في تفاعل جعل لكل منها ذاتية منفردة،ولكنها التقت جميعاً في النهاية على درب واحد طالما سعت جميعها للوصول إليه وهي الأسلوب الأمثل والأكثر فعالية لعقاب كل مقترف لسلوك شارد أو معوج وإصلاح ما يترتب عليه من آثار سلبية ولعل بداية شرود السلوك الإنساني واعوجاجه كانت مع قتل قابيل لأخيه هابيل وتمثل في مواراة قابيل لسؤة أخيه في التراب نمطاً بسيطاً لإصلاح الجاني للآثار المترتبة على اقترافه لجرمه وهذه الواقعة أبرزها القرآن الكريم وذكرها العهد القديم وغايتها تذكير الإنسان بوحشية الجريمة وصعوبة محو آثارها،كما عبرت الكتب السماوية على وحدة قابيل لغياهب الحياة بوحوشها الكاسرة وظلمة ليلها وشقاء نهارها نمطاً آخر لعقاب الجاني عن الجرم الذي اقترفه بجعله يشعر بالندم على ما اقترفه في حق أخيه.

الآثار السلبية لعقوبة الاحتجاز

لا شك أن الحبس يترك العديد من الآثار السلبية ويصيب البعض منها المحكوم عليه والبعض الآخر أسرته وعائلته فضلاً عن الآثار الاجتماعية وامتداد تأثيرها ليصيب المجتمع

أثر عقوبة الاحتجاز على المحكوم عليه

لا شك أن انتزاع المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية من المجتمع يصيبه بأضرار نفسية وعضوية متعددة نتيجة للفجوة الهائلة بين نمط حياته داخل السجن المتسم بالصرامة والانصياع للأوامر التي توجه إليه وعدم تلبية الكثير من احتياجاته ونمط حياته قبل دخوله السجن والقائم على استقلاليته وحريته في اتخاذ ما يريد من القرارات فضلاً عما تخلفه عقوبة الحبس من شعوره بالمهانة وفقد الهيبة والاحترام أمام أسرته وعائلته بصفة خاصة والمجتمع الذي انفصل عنه بصفة عامة وهو ما يشكل عائقاً يحول بينه وبين تكييفه النفسي والاجتماعي مع مجتمعه الجديد داخل السجن خلال فترة العقوبة مع المجتمع الذي انفصل عنه لتنفيذ العقوبة عقب انتهائه من تنفيذها وهو ما يؤدي في نهاية المطاف للوقوع فريسة للعديد من الأمراض النفسية والاجتماعية والعضوية وتنعكس هذه الآثار على الجوانب المختلفة لشخصيته وسلوكياته سواءً في تعامله مع ذاته أو مع باقي النزلاء في المؤسسة العقابية أو القائمين على أدرتها أو مع أفراد أسرته وعائلته أثناء فترة العقوبة أو بعد انتهائها أو في التعامل مع أفراد المجتمع عقب انتهائه من تنفيذ العقوبة،فضلاً عن تأثير عقوبة الحبس للسجين وتعرضه إلى أضرار صحية نتيجة كثرة السجناء أو تعرض أحدهم للمرض مما قد تنقل العدوى للآخرين ويصاب بهذه العدوى فضلاً عن الاضطرابات النفسية في السجن.

أثار عقوبة الحبس على أسرة المحكوم عليه

أن انتزاع المحكوم عليه من أسرته والزج به في السجن لقضاء فترة العقوبة وما يترتب على هذا الأمر من تداعيات نفسية لأفراد أسرة السجين خاصة إذا ما كان المحكوم عليه هو عائل لأسرة أو أماً لأطفال في حاجة ماسة لها مما يؤدي إلى حرمان هؤلاء الأطفال من تنشئة نفسية وعضوية سليمة وعلى المدى الطويل سيكون هؤلاء الأطفال بالطبع أكثر حساسية وعرضه للانزلاق إلى درب الجريمة خاصة إذا ما اقترنت تلك الآثار بما ينقله إليهم آبائهم وأمهاتهم من خبرات إجرامية وقيم فاسدة ومنحرفة يكونوا قد اكتسبوها خلال فترة العقوبة.

ولا شك أن فقدان الأسرة للمورد المالي إذا كان المحكوم عليه هو مصدر ذلك المورد يؤدي إلى إصابتهم بتداعيات جسيمة تولد لديهم مشاعر الحقد والكراهية تجاه المجتمع لاضطرارهم للخروج لمعترك الحياة لتوفير متطلباتهم المعيشية والمتطلبات المالية للمحكوم عليه وقد يدفع بالزوجة وأولادها إلى التسول والانحراف.

كما أن وصمة العار التي تلحق بالمحكوم عليه تمثل هي الأخرى عائقاً أمام إعادة دمجه في مجتمعه مرة أخرى.

كما أن من شأن عقوبة الاحتجاز في حالة تنفيذها أن تفقد الآباء بعد الإفراج عنهم أو أثناء تنفيذها لمواردهم المالية وأماكن إقامتهم وما يخلفه هذا الأثر على العلاقة التي تصيب المفرج عنه وأبنائه نتيجة شعور هؤلاء الأبناء بالضياع والتشرد مما ينعكس الأمر بأثر قد يرمي على العلاقة الأسرية التي تربط المفرج عنهم بأبنائهم وقد يعيق إعادة دمج المفرج عنهم من جديد بالمجتمع وقد يخلف اثر تنفيذ العقوبة صعوبة اندماج أفراد وأسر وعائلات المفرج عنهم في النسيج الاجتماعي.

كما أن من أثار تنفيذ عقوبة الاحتجاز على الأسرة من تأثير سلبي يمتد إلى الزوجة التي قد تلجأ إلى الخلع وقد تسوء الحالة التعليمية للأبناء والبنات فضلاً عن استغلال رفقاء السوء لأفراد الأسرة في ظل غياب معيلها أو افتقادها للمصدر المادي الذي يساعد أفرادها على تجاوز ظروف الحياة.

أثار عقوبة الاحتجاز على العلاقات الاجتماعية

لعقوبة الاحتجاز العديد من الآثار السلبية على العلاقات الاجتماعية سواءً تلك التي تربط المحكوم عليهم بأفراد أسرهم وعائلاتهم أو تلك التي تربط المحكوم عليهم بسائر أفراد المجتمع أو تلك التي تربط أفراد واسر وعائلات المحكوم عليهم بأفراد المجتمع،ولا شك أن إيداع المحكوم عليه في السجن لقضاء العقوبة يعد انتزاعاً وفصلاً له من النسيج الاجتماعي للمجتمع الذي يعيش فيه وإدخاله ضمن مجتمع السجن يكون فيه مطالباً بإنشاء علاقات جديدة بينه وبين أفراد مجتمعه الجديد بما يحمله هذا المجتمع من نظم وقواعد مختلفة عن تلك التي يعيشها المجتمع خارج حدود السجن وبعد فترة انتهاء العقوبة يعود من جديد لمجتمعه الأساسي وهنا تظهر مشكلة تقبل المجتمع للمحكوم عليه بالنظر إلى ما يحمله أفراد المجتمع تجاه المفرج عنه من شعور معين قد يميل العديد منهم إلى الابتعاد عنه وصعوبة إعادة الروابط الاجتماعية بينه وبين أفراد مجتمعه أو إنشاء روابط اجتماعية جديدة وقد ينسحب هذا الأثر على أفراد أسرة المحكوم عليه نتيجة وصمة العار التي تلحق بكل من يدخل السجن ولا شك أن هذه الوصمة تلحق أفراد أسرته وعائلته أو من يرتبط به بعلاقة لما ترسخ في أذهان الناس من صورة سيئة لكل من يرتبط بنمط من العلاقات مع أفراد تلك العائلة دون ذنب اقترفوه