أخبار عاجلة
مؤسسة حياه Untitled-3-copy1-660x330 معاملة المسجلين الخطرين جنائيا

معاملة المسجلين الخطرين جنائيا

إعداد /الباحث القانوني

محمد أحمد سعد عبدالجيد

برنامج العدالة الجنائية والقانونية

   مقدمه

إن التسجيل الجنائي من أهم الملفات التي نعمل بها في مجال حقوق الإنسان لإزالة آثر الجريمة والعودة مرة أخرى للسجن وكذلك لمساعدة الحالة على الاستقرار والعيش في حياة آمنة ومطمئنة وخالية من أي مخاطر تواجهها وأصبح عدد المسجلين خطر في الوقت الحالي 125 ألف مسجل خطر وذلك في أخر تقرير لقطاع الأمن العام عن معدلات الجريمة في مصر وذلك بسبب زيادة معدلات الجريمة حيث زادت الجرائم عموما بنسبة 207 % نسبة الزيادة في معدل الجريمة .

وأصبح التوقى من الخطورة الإجرامية أساسا مهماً من أسس السياسة الجنائية الحديثة ، ومؤشراً من مؤشرات الاهتمام بالمجرم ، والنظرة إليه نظرة إنسانية بصفته إنساناً ، لأسباب متعددة من حيث افتقاد القدرة على التكيف مع مجتمعه ، ويقتضى الأمر مساعدته , حتى يستعيد توافقه مع المجتمع من جديد .
وإذا كان الفكر العقابى والإجتماعى نظر إلى المجرم بإعتباره يشكل تهديداً للمجتمع ، فإن التشريعات الحديثة قد اولت فكرة الخطورة الإجرامية اهتماماً أكبر ، بإعتبار أنها تمثل مستوى أعمق في الإجرام . ففي القرن التاسع عشر ظهرت في الولايات المتحدة الامريكية فكرة العقوبة غير محددة المدة وذلك لمواجهة فئات معينة من المجرمين لعلاج خطورتهم ، دون وضوح فكرة الخطورة الإجرامية ذاتها ، وفي مطلع القرن العشرين ظهرت تطبيقات لفكرة الخطورة الإجرامية في الميدان التشريعى ولاسيما قانون العقوبات النرويجى الذي نص على حالات المجرمين المعتادين الإجرام والمجرمين الشواذ باعتبارهم ” خطرين جنائيا ” .﴿[1]﴾

ثم بدأت فكرة الخطورة الإجرامية تدخل في نطاق القانون الوضعى ، وظهر ذلك واضحاً في القوانين التي ظهرت في الفترة ما بين الحربين العالميتين ، والتى يمكن القول أنها أخذت إتجاهين : أحدهما موضوعى ، والأخر شخصى .

الإتجاه الموضوعى القانونى : يظهر في إقتصار القانون على تحديد الشروط التي يجب أن تتوافر في الشخص الآخر لإمكان تطبيق التدابير الإحترازية عليه ، ومثال ذلك : مسلك قانون نيويورك سنة 1926 إزاء اعتقال المعتادين على الإجرام الذين سبق إدانتهم اربع مرات ، وكذلك القانون الفرنسى الذي نص على نظام الابعاد .

أما الإتجاه الشخصى الإجرامى ، فهو يعتمد على تقدير شخصية المجرم على ضوء الفحص العلمي ، يكلف القانون القاضى بالبحث فيما إذا كان المجرم يعتبر خطراً أم لا ، مع إفتراض عدم تطبيق شروط قانونية مجردة سبق تحديدها على نحو تحكمى ، فإذا أقر ذلك أجيز له توقيع التدبير الاحترازى ، ومثال التشريعات التي أخذت بذلك : قانون العقوبات الإيطالى الصادر 1930 ، حيث اعتبر الخطورة حالة تنبئ عما لدى الشخص من ميل إجرامى أو احتمال نحو ارتكاب الجريمة ، وافرد لتعريفها نص المادة 23 منه التي أوجزت الخطورة في إنها “استعداد الشخص للإجرام ” ، كما اشترط هذا القانون على القاضى ضرورة مراعاة ميل المجرم نحو ارتكاب الجرائم عند ممارسته سلطته التقديرية لتوقيع الجزاء الجنائى ، سواء كان عقوبة أو تدبيراً.

وقانون العقوبات البرازيلى الصادر عام 1940 ، والذى عرف الخطورة بأنها ” حالة تتوافر لدى الشخص الذي سبق له ارتكاب الجريمة إلى احتمال ارتكابه لجريمة جديدة مستقبلاً ”

اما التشريعات العربية ، فقد تأرجحت في الأخذ بكل من الاتجاه الشخصى والإتجاه الموضوعى في التعريف بالخطورة الإجرامية . فعلى سبيل المثال ، ذهب قانون العقوبات اللبنانى الصادر في سنة 1944 في المادة 211/3 منه إلى أنه “يعد خطراً على المجتمع كل شخصاً وهيئة معنوية إقترفت جريمة إذا كان يخشى منه أن يقدم على أفعال أخرى يعاقب عليها القانون ” .

بينما انتهج القانون العراقي رقم 111 لسنة 1969 مبادئ المدارس الوسيطة ، حيث اعتبر ان الخطورة الإجرامية هي حالة المجرم الذي يتبين من احواله ، وماضيه ، وسلوكه، ومن ظروف الجريمة وبواعثها ، أن هناك احتمالاً جدياً لإقدامه على اقتراف جريمة أخرى ، وقد حاول التشريع الليبى التوفيق بين الإتجاه الوضعى الحديث الذي تبناه القانون المصري ، وقام على جعل الخطورة الإجرامية أساس التدابير القضائية وذلك من خلال المواد (135 ــ 164) عقوبات ، وكذلك المواد (511 ــ523) من قانون الإجراءات الليبى .

لتحميل البحث اضغط هنا