أخبار عاجلة
الرئيسية / البرامج / برنامج البحوث والدراسات / السلامة الجسدية والرعاية الصحية ومعاملة السجناء داخل السجون المصرية ( سجن الزقازيق العمومي – سجن المستقبل- سجن بورسعيد العمومي- سجن دمنهور العمومي ) نموذجا يونيو 20150 يونيو 2016
مؤسسة حياه GettyImages-469165380-660x330 السلامة الجسدية والرعاية الصحية ومعاملة السجناء داخل السجون المصرية  ( سجن الزقازيق العمومي – سجن المستقبل- سجن بورسعيد العمومي- سجن دمنهور العمومي ) نموذجا يونيو 20150 يونيو 2016

السلامة الجسدية والرعاية الصحية ومعاملة السجناء داخل السجون المصرية ( سجن الزقازيق العمومي – سجن المستقبل- سجن بورسعيد العمومي- سجن دمنهور العمومي ) نموذجا يونيو 20150 يونيو 2016

حينما قررنا كمؤسسة  وليدة عمل تقرير حول السلامة الجسدية للمحكومين والمحبوسين احتياطيا في سجون محافظات القنال التي يختص بها مجال عملنا في إعادة التدريب والتأهيل للمفرج عنهم كان الغرض الرئيسي منها معرفة تأثير كل هذه الأخطار على نفسية السجين بعد خروجه وبحث كيفية مساعدته على إعادة تكوينه النفسي وزرع الثقة والأمان المجتمعي بداخله كى يستطيع الحياة بشكل أفضل وأكثر توافقا مع مجتمعه .

إلا أننا وجدنا خلال بحثنا ما يشير إلى وجود العديد من المشكلات التي تتسبب سنويا في إهدار لسلامة السجين الجسدية وكل مشكلة تحتاج إلى بحث مفصل عنها .. وتقديم توصيات لوزارة الداخلية بشأنها كى يمكننا المساهمة في الحفاظ على السجين دون إهدار لأدنى احتياجاته وهي الحفاظ على الصحة والسلامة خلال فترة سجنه .

المقصود بسلامة الجسد هو حرمة جسد الإنسان من التعدي عليه بالايذاء البدني ، أو الجنسي ، أو العقلي ، أو النفسي ـ أو التهديد بالإيذاء أيا ما كان هذا الإنسان ضحية الاعتداء أي بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الجنسية أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي ، وبصرف النظر عن جنس المعتدي عليه ووضعه الاجتماعي أو مكانه في منظومة السلطات أو درجة صلته بضحية هذا الاعتداء ، وأقرت المواثيق الدولية على الحق في سلامة الجسد حيث أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذا المعنى في المادة 5 بألا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة للكرامة . وهو ذات ما أكدت عليه  المادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .

وقد قامت السلطات المصرية بالتصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 154 في 6/4/1986 ونشرت بالجريدة الرسمية العدد الأول في 7/1/1988 وعمل بها اعتباراً من 25/7/1986. وبالنتيجة فهي تعتبر ملزمة لها وفقا للدستور المصري.

 وقد أوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والمكلفة بمراقبة تطبيق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية : أن الأشخاص المحرومين من الحرية لا يجوز تعرضهم لأية صعاب أو فرض أية قيود عليهم سوى ما ترتب منها على حرمانهم من الحرية. ويتمتع الأشخاص المحرمون من الحرية بجميع الحقوق المنصوص عليها في (العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية) إلا ما تعارض منها مع ما لا يمكن تجنبه من القيود المحتومة بحكم وجودهم في بيئة مغلقة.

كذلك قالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إن “واجب معاملة المحتجزين باحترام للكرامة المتأصلة في شخص كل إنسان منهم هو معيار أساسي عالمي التطبيق، ولا يمكن للدول أن تبرر معاملتهم على نحو لا إنساني بحجة نقص الموارد المادية، أو الصعوبات المالية. وهي ملزمة بتزويد جميع المحتجزين، والسجناء بالخدمات اللازمة لتلبية جميع احتياجاتهم الأساسية. وتشمل هذه الاحتياجات الأساسية: توفير الطعام، ومرافق الاستحمام والصرف الصحي، والفراش والملابس والرعاية الصحية والتعرض للضوء الطبيعي، والترويح عن النفس والتمرينات الرياضية، وتخصيص أماكن لممارسة الشعائر الدينية، والسماح للمحتجزين بالاتصال فيما بينهم، على أن يشمل ذلك إمكانيات الاتصال بالعالم الخارجي.

ولكل شخص محتجز أو مسجون الحق في أن يطلب تحسين معاملته، أو أن يشكو من سوئها. ويجب على السلطات أن تسرع في الرد على الشكوى، وفي حالة رفض طلبه أو شكواه، يجوز له اللجوء إلى القضاء أو التظلم أمام سلطة أخرى.

وأكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في التعليق العام رقم 9: أن المعاملة الإنسانية واحترام كرامة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معيار أساسي عالمي التطبيق لا يمكن أن يعتمد اعتمادا كلياً على الموارد المادية… [وهذا المبدأ ينطبق] على جميع المؤسسات التي يحتجز فيها أشخاص احتجازاً قانونياً، لا في السجون وحدها بل في المستشفيات، ومعسكرات الاحتجاز، أو المؤسسات الإصلاحية.

إذن السلامة الجسدية تتعلق بالحق في السلامة الجسدية للأفراد وعدم المساس بها أو تعريضها للتعذيب وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أشمل مادة تتعلق بالحق في الصحة في القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ووفقاً للمادة 12(1) من العهد، تقر الدول الأطراف “بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية مكن بلوغه”، في حين تسرد المادة 12(2)، على سبيل التمثيل، عدداً من التدابير التي يتعين على الدول الأطراف … اتخاذها لتأمين الممارسة “الكاملة لهذا الحق”. وبالإضافة إلى ذلك، فالحق في الصحة معترف به في القواعد النموذجية الدنيا التي أوصي باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955 وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 663 جيم (د-24) المؤرخ في 31 تموز/يوليو 1957 و 2076 (د-62) المؤرخ في 13 أيار/مايو  1977  ووجد بالفعل تضارب لما يحدث فعليا بالسجون المصرية وتم رصده في سجون خط القنال تحديدا ..

مشكلات بلا حلول

في القواعد الدنيا ما يتيح أن يتم تطبيق القواعد التالية بصورة حيادية.

ولا يجوز أن يكون هنالك تمييز في المعاملة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين، أو الرأي سياسيا أو المنشأ القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.

  • من جهة أخرى تشير المادة 56 من الدستور المصري إلى أن السجن دار إصلاح و تأهيل .. وتخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي ، ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان ، أو يعرض صحته للخطر . وينظم القانون أحكام إصلاح وتأهيل المحكوم عليه وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم.

هذا هو ما ينص عليه، فهل تتوفر هذه المعاني في السجن ” الإصلاح والتأهيل” وهل يقوم القضاء بدوره الحقيقي في الإشراف على السجون ؟ كل هذه أسئلة مهمة في عالم السجون وما يحدث فيها .

 

وهناك إهمال من جانب إدارات السجون بالمعايير الدولية للسلامة الجسدية لأن سجون مصر تطبق نوعا أخر من المعايير تختص هي به وتنفذه بدقة واختلاف عجيب في سجون المحافظات بينها وبين سجون ليمانات مثل سجني القناطر وطره وتتشابه أيضا تشابه أغرب في المحافظات في جميع ربوع مصر ، رغم أن المسمى سجون والقانون واحد والسجين لا يختلف كثيرا ؟

 

في السجون المصرية يتم تطبيق كافة أنواع التمييز بصورة جلية فطعام السجن موجود لبعض الفئات وباقي الفئات الأخرى تقوم بشراء طعامها أو يقوم بعض المساجين بنظام التشغيل بالطبخ وتقديم الطعام للسجناء الذين يستطيعون الأنفاق على طعامهم.

ولعلني سأبدأ بالطعام كأولى محددات السلامة الجسدية للسجين وكل ما يتعلق به  في بداية  هذا التقرير..

محددات السلامة الجسدية في السجون المصرية :

أولا  توفير الحاجات الأساسية للسجناء :

تؤكد غالبية وثائق حقوق الإنسان على الحق في الكرامة الإنسانية ، وفي الواقع فإن الاعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد على هذا الحق في المادة الأولى منه ، وتنص المادة العاشرة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أن يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان كما تتضمن القواعد الدنيا لمعاملة السجناء ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن نصوصا مشابهة في قاعدتها الأولى.

كما يؤكد الدستور المصري في مادته 51 على هذا المعني فالكرامة حق لكل إنسان ، ولا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها.

إن ظروف السجن الرديئة لا تنتهك أيضا وحسب حق السجين في الكرامة وإنما تشكل أيضا عقوبة قاسية وغير عادلة وقد تكون خطرة على صحة النزيل وحياته وقد تنتهك حقه في إلا يتعرض للتعذيب والمعاملة القاسية اللاإنسانية أو الحاطة للكرامة.

ومن هذه الاحتياجات الأساسية توافر الشروط الصحية في الزنزانات وعنابر النوم ، الإضاءة والتهوية، النظافة ، الرعاية والنظافة الشخصية ، الملابس والفراش ، الطعام، الحصول على صالح للشرب .

1 ـ الطعام 

تشير القاعدة 20 من قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء إلى أن توفر الإدارة لكل سجين في الساعات المعتادة وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية للحفاظ على صحته وقواه ، جيدة النوعية وحسنة الإعداد والتقديم.

كما تؤكد القاعدة 87 على حق المتهمين في حال رغبتهم في ذلك في الحدود التي تتفق مع حسن سير النظام في المؤسسة أن يأكلوا ما يريدون على نفقتهم بأن يحصلوا على طعامهم من الخارج .

من جانب آخر يتضمن القرار الصادر من وزير الداخلية برقم 691 لسنة 1998 في شأن كيفية معاملة المسجونين ومعيشتهم والذي يشير إلى ما  يخصص لكل سجين أو سجينة من أثاث أو ملابس ، ومقرر أغذية المسجونين العاديين في وجبات الإفطار والغداء والعشاء ، ومقرر الأغذية للحوامل والمرضي .

ويؤكد هذا القرار على أن يقدم الطعام جيد الإعداد والطهي والأصناف المطهية ساخنة ، وصرف وجبة  اللحوم مضاعفة في الأعياد والمناسبات الدينية .

في سجن بورسعيد العمومي وسجني المستقبل والزقازيق يتم عمل وجبات من الطعام المجهز بواسطة تشغيل السجناء في مطبخ سجن الرجال وتوزيعه .. خلال السنوات الماضية كان الطعام يتوافر بصورة أفضل وأكثر صحة وتنوعا عما هو ، الآن تعانى معظم السجون المصرية وخاصة سجون المحافظات من عدم توافر أنواع مختلفة من الطعام الذي يتم توزيعه على السجناء . مما يتسبب في ظهور أمراض سوء التغذية وضعف المناعة وأمراض المعدة .

ويتكون الطعام من البطاطس المسلوقة والأرز الردئ والفول الذي لا يقوم السجناء بتناوله عدا الفقراء منهم ( وأعدادهم متزايدة يوميا ) ، والعدس الذى كان الوجبة الرئيسية عادة في السجون لا يتم توزيعه إلا بالصدفة عدا الليمانات الكبيرة في القاهرة ودمنهور .

بينما الخضروات والطماطم وكل ما يتصل بأنواع محددة من الفاكهة لا يتم توزيعها إلا بعدد قليل جدا أسبوعيا .. والبيض كان يتم توزيعه يوميا وحاليا يتم توزيعه شهريا.

أما الإفطار وهو الفول والجبنة يتم توزيعه بعدد أقل من أعداد المساجين وعادة ما يتم الاستيلاء عليه من قبل المخبرين والسجانات ..

وهناك شكاوي متكررة من عدم وجود طعام متوازن داخل السجون المصرية وهو ما يهدد بحالات مرضية مزمنة يعانى منها المساجين وتم رصدها في الحالات التي نتابعها المؤسسة حياه خارج السجون .

كذلك تؤكد القاعدة 20 على أن يوفر لكل سجين إمكانية الحصول على ماء صالح للشرب كلما احتاج إليه .

وبالرغم من ذلك تم رصد شكوى متكررة بخصوص الماء من معظم من دخلوا السجون المصرية وهى مشكلة لابد أن توجد على طاولة البحث العلمي في كل ما يختص بإعادة هيكلة النظام الداخلي وأسس الصحة والسلامة بالسجون المصرية .

وجميع السجناء الذين يستطيعون شراء احتياجاتهم بأموالهم الخاصة يقومون بشراء كميات من المياه المعدنية لتناولها داخل السجن .

فيما بعض السجون ومراكز الشرطة تعتمد على الخزانات وتحوى مواسير مياه قديمة وصدئة ويمكن أن يكون هذا أحد أسباب الشكوى المتكررة من تساقط الشعر و ضعف الجلد وجفاف البشرة وسهولة التعرض للأمراض المعدية .

وفي سجن المستقبل يعاني المودعين بالسجن من سوء طعم المياه،  أما سجن الزقازيق العمومى فالمياه توجد في الحمامات التى توجد خارج الزنازين وتوجد شكوى مستمرة من لون المياه وطعمها الغريب ووجود مواد عالقة بها لا يمكن التعرف عليها ويعتقد أنها أجزاء من الصدأ الموجود في المواسير القديمة، أما سجن بورسعيد فهو حالة في غاية الغرابة فنفس الأعراض توجد به تقريبا بالتشابه مع جميع السجون رغم أن المياه التي تغذى السجن هي نفسها التى تغذى باقى المناطق السكنية المجاورة حيث يقع سجني الرجال والنساء في نفس البناء القديم .

ويتسبب هذا في أمراض المثانة والكلى وانتشار التهاب الكبد .

2- التهوية

– أيضا لا توجد فتحات تهوية في العنابر والزنازين الخالية من كل مقومات الحياة الإنسانية وخالية من دورات مياه خاصة أقل حق  يمكن الحصول عليه تتسبب في أمراض ضيق التنفس والربو وحساسية الصدر .

وهو ما يتناقض مع القاعدة 11 من قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء التي تؤكد على أنه في أي مكان يكون على السجناء أن يعيشوا أو يعملوا يجب أن تكون النوافذ من الاتساع حيث تمكن السجناء من استخدام الضوء الطبيعي في القراءة والعمل وأن تكون مركبة على نحو يتيح دخول الهواء النقي سواء وجدت  أو لم توجد تهوية صناعية .

كما يجب أن تكون الإضاءة الصناعية  كافية لتمكين السجناء من القراءة والعمل دون إرهاق نظرهم.

أيضا يعاني السجناء من البقاء لفترات طويلة تمتد من بعد غلق أبواب الزنازين  في الخامسة مساء وأحيانا في الثالثة عصرا تبعا لرغبة ضباط المباحث كل على حدة أو المخبرين لهو أمر في غاية الخطورة نظرا لعدم وجود مواعيد محددة وتفاوتها في كل سجن وتبعا للحالة الأمنية .

فإذا علمنا أن سجن بورسعيد “رجال” به عدد كبير من السجناء ، ويشمل دورين كاملين من الزنازين دون حمامات، وسجن النساء يحوى 4 زنازين و3 عنابر .

وسجن الزقازيق يضم دورين كاملين من الزنازين ، وجدنا أن مدة وجود المساجين دون استعمال الحمام تمتد لاثنتي عشرة ساعة وأحيانا تزيد ، والشائع استخدام الجرادل وعلب المياه في الاغتسال مع ما يسببه هذا من أمراض جلدية وعدوى يتسبب في معاناة معظم المساجين من التهاب مزمن في المسالك البولية وتصبح الشكوى المتكررة لأي سجين تم سجنه في زنزانة مغلقة في دراسات الحالة لدينا هو وجود معاناة صحية ودم في البول.

وهذا الوضع يتناقض بشكل واضح مع القاعدة 12 من قواعد الحد الأدنى التي تشير إلى أن تكون المراحيض كافية لتمكين كل سجين من تلبية احتياجاته الطبيعية في حين ضرورتها وبصورة نظيفة ولائقة.

النسيان إحدى الظواهر التى لا يمكن القيام بمقابلة لدراسة حالة مفرج عنهم دون الحديث عنها ..

يكتسب معظم السجناء تلك الظاهرة تدريجيا داخل سجونهم ويعتقدون أنها بسبب نوعية المياه والطعام مما يفتح الباب أمام الأبحاث لمعرفة الأسباب الحقيقية لهذه الظواهر المختلفة والواضحة والمتكررة !

كيف يتم إعداد الطعام :

يتم إعداد الطعام عن طريق بعض العاملين في نظام التشغيل الداخلي بالسجون  ويتم الطبخ على بوتاجازات عادية غير مسموح بوجودها داخل العنابر وفي الزنازين لذا يتم استخدام السخانات الكهربائية للطبخ عليها طعام أكثر تنوعا عن طعام السجن المحدد سلفا يوميا المقرر بكميات لا تكفى حاجة السجناء اليومية .

          وتعرض مؤسسة حياه للتنمية  شهادات من سجناء سابقين، تم الإفراج عنهم أعوام 2011/2012/2013/2014 و عناصرها موضوعة وفق المعايير النموذجية الدنيا لمعاملة الســـــــجناء فيما يلي عن جانب الطعام :

1 ـ الحالة (و ر) :

كان قد تم حبسها مدة عقوبة 4 أشهر و نصف بسجن الزقازيق العمومي بسبب قضايا إيصالات أمانة  ومن خلال الاستقصاء عن نظام السجن في تجهيز و توزيع الطعام و مدى جودته و كفايته و صلاحيته للاستخدام الآدمي و توفير الماء النقي اللازم للشرب فكانت إجاباتها كالآتي:-

إن الطعام غير كافي و غير جيد و لا يتم توزيعه في أوقات متقاربة و لا يتم تزويد السجناء بالماء النقي اللازم للشرب و هناك صعوبة كبيرة في الحصول على الماء النقي في مكان الاحتجاز.

2 ـ  الحالة( م ا ف):

و قضى بالسجن عامين أثناء الفترة (2009/2012) وقد قضي مدة سجنه  بين سجني أبو زعبل و الزقازيق العمومي بسبب عقوبة إتجار بالمخدرات و من خلال الاستقصاء السابق عن الطعام و فق المعايير النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء كانت إجاباته كالآتي:

(كان الطعام غير كافي و غالبا لا يصل و كنت آكل مما أتلقاه من الأهــــــل أثناء الزيارة وإن لم يكن هناك زيارة أطلب من زملائي بالزنزانة أو عـــن طريق عملي داخل السجن لتوفير ما يلزمني أثناء فترة احتجازي ، أمـــــــا بسؤاله عن توفير إدارة السجن الماء النقي للشرب  فقد سجل شكواه من جودة الماء في الطعم واللون وعدم صلاحيتها للاستخدام).

تؤكد هذه الشهادات الحقائق المنسوبة للسجون المصرية والتي تتعلق بعدم صلاحيتها كمكان للاحتجاز وفق القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء و المصدق عليه من قبل الدولة والمدرجة ضمن العهود و المواثيق الدولية و تؤكد المعاناة اليومية لدى السجناء و الحرمان الواضح من أبسط الحقوق الأساسية و التي تؤثر بالسلب على الرسالة  التي أقيمت من أجلها المؤسسات العقابية لتكون مكاناً لا يحترم آدمية الإنسان و تولد الشعور بالغبن و الاضطهاد على المجتمع لدى السجناء ليكون المردود السيئ على المجتمع في شكل المجرم العائد وليعد ذلك من الأسباب المهمة بالعودة للجريمة.

3- الأخطار اليومية

ويفتح هذا الباب لدينا لمخاطر الاستعمال غير الآمن  للكهرباء يتعرض إليها السجناء ولا يتم الانتباه لها من قبل وزارة الداخلية برغم ما تتسبب فيه من مشكلات وتدمير للسجين داخل وخارج السجن .

فى السجون سالفة الذكر لا يمكن الدخول إلى أحد العنابر إلا إذا كانت الشكوى من الأسلاك الكهربائية متكررة .

يتم استخدام السخانات الكهربائية يتم بين الأسرّة الحديدية وينتشر على أرض العنابر بجوار الأقمشة والبطاطين.

وعند طبخ الطعام تكون معظم الأسلاك مكشوفة ويعد التعرض للكهرباء أمراً طبيعياً جدا في معظم السجون وتصبح الصدمات الكهربائية عادية جدا ومسببه لدوار وألم شديدين وتنتهى بتناول بعض الماء المسكر فقط .

ولكن هذا لا يمنع من إمكانية حدوث خطر إحتراق العنابر التي تتعرض غالبا وبسبب السخانات لحالات  قطع النور المتكرر بسبب زيادة الأحمال على كهرباء السجن مما يشكل نوعاً جديداً من الأخطار .

فعند انقطاع الكهرباء تتوقف المراوح الكهربائية ويعتبر هذا خطرا جديدا على كبار السن والمرضى وفي العنابر المكتظة ويبدأ الجميع في الاختناق وخاصة في الزنازين التي لا يتوفر بها أدنى مقومات  السلامة ولا الهواء النقي .

و تعرض مؤسسة حياه للتنمية  شهادات من سجناء سابقين تم الإفراج عنهم أعوام 2011/2012/2013/2014 و عناصرها موضوعة  وفق المعايير النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء فيما يلي عن جانب مواصفات أماكن الاحتجاز و مراعاتها للظروف المناخية و الإضاءة و التهوية وظروف الصيانة الداخلية للعنابر و الزنازين فيما يلي:

1 ـ الحالة (م م ع) :

تم حبسه مدة 6 أشهر خلال عام 2011  بسجن الزقازيق العمومي أثناء فترة تحقيق في تهمة إتجار بالمخدرات فقد طرحت عليه أسئلة وفق المعايير النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء في جانب الصيانة و مناسبة عدد المحتجزين بأماكن الاحتجاز مع مساحة الزنزانة ومدى وجود أسرة  و مراعاة ظروف التهوية و الإضاءة و مساحة النوافذ و الظروف المناخية و الصيانة داخل العنابر و الزنازين فقد أجاب بالآتي:

” يصل عدد المحتجزين في زنزانة لا تتعدى مساحتها (4X4) إلى 100 محتجز بالإضافة إلى ضيق النوافذ وهي غير صالحة للتهوية و الإضاءة و القراءة مما يستنتج أن أماكن الاحتجاز لا تراعي الظروف المناخية بالمرة و لا يوجد أسرّة داخل الزنزانة  بل بطانية فقط و مساحة لا تكفي للنوم إلا على جانب واحد  ، والمكان لا يراعي أبسط  قواعد السلامة العامة، و الأسلاك الكهربائية غير مغطاة بالإضافة أيضا تعاني الحالة من الشكوى من ضعف الإبصار بعد خروجها من السجن وكان الرأي الشخصي للحالة فيما يخص الصيانة الداخلية للزنازين والعنابر سيئة للغاية.

2 – الحالة (ر ش ):

تم حبسه قرابة 4 سنوات بسجن الزقازيق العمومي بين عامي 2006 و 2010 بسبب قضية سرقة و خطف و اغتصاب وكانت إجاباته كالآتي:

(التهوية داخل مكان الاحتجاز غير جيدة بالمرة و مساحة النوافـــــذ غير كافية و الإضاءة غير كافية للقراءة و العمل و ذكر أن لديه شـــــــــكوى من  ضعف الإبصار بعد الخروج من السجن،  ولا يتم التزويد من قبل إدارة السجن بملابس تناسب الجو و المناخ و لا يوجد أسرة داخل مكان الاحتجاز و لا يراعى قواعد السلامة العامة و الحماية من الأسلاك الكهربائية و الحريق يمكن أن يتم بسبب استخدام السخانات بمكان الاحتجاز، و بسؤاله عن الرأي الشخصي بالصيانة الداخلية للعنابر و الزنازين فقد أجاب بأنها سيئة للغاية.

وهذا تأكيد أخر على أن أماكن الاحتجاز بالدولة لا تراعي السلامة العامة لهذه الفئة و التي يصل أخطار هذا الإهمال إلى وفاة السجين في أحيان كثيرة إما صعقا بالكهرباء أو الحرائق بسبب ماس كهربائي .

ثانيا _ الحق في الرعاية الصحية : إهمال طبي  وتسمم دوائي

يعد السجناء من أكثر الفئات تعرضا للمشاكل الصحية، كونهم لا يملكون فرصة للاختيار بين بدائل مختلفة في علاج أمراضهم بسبب ظروف الحبس، وكونهم واقعين تحت ضغوط ونظام احتجاز قد يؤدي – في حال انتفاء نظام رقابي فعال – إلى شيوع الأمراض فيما بينهم. وتعد سلطات الاحتجاز هي السلطات المخولة بتوفير ظروف صحية للمحتجزين سواء في العمل أو المعيشة للسجناء، وعليها تقديم خدمات صحية مناسبة.

كما ترجع أهمية توفير الرعاية الصحية للمحتجزين بالسجون إلى موقف الاعتماد أو التبعية الذي يكون عليه السجين، أو المحتجز بما يبرر وضع هذا الالتزام على إدارة السجن؛ نظرا لأن هذا الموقف – الاحتجاز – يؤدي إلى جعل السجين عاجزا عن نيل الرعاية من غير طريق إدارة السجن التابعة للدولة حكما.

في هذا السياق ركزت قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء على ضرورة التأكيد على الرعاية الصحية، وبشكل خاص توفير الخدمات الطبية للسجناء، ومضمون قواعد الحد الأدنى تفيد على أن تكون الرعاية المتوفرة في السجن مماثلة لتلك المتوافرة خارج أماكن الاحتجاز.

وتتمثل عناصر الخدمات الطبية في الآتي: الحصول على الرعاية الصحية، توفير الموظفين الصحيين، توفير رعاية صحية مناسبة للنساء، والأطفال الصغار، توفير رعاية صحية خاصة للسجناء المصابين بمرض عقلي.

وتشير قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء إلى هذا الحق ضمن 5 قواعد من القاعدة 22 – 26، كما نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على هذا الحق، حيث أكد نص الإعلان على اعتبار الصحة الجسمانية، والعقلية عموما حقا تنص عليه المادة 25، ولا ينبغي أن يؤثر وجود المواطن محتجزا في أحدى مقار الاحتجاز على اكتسابه هذه الحقوق.

تنص قواعد الحد الأدنى على الالتزامات التالية فيما يتعلق بتوفير هذا الحق -وهو ما وردت في القاعدة 22:

– ضرورة توافر خدمات طبيب مؤهل واحد علي الأقل – في كل سجن – ويكون علي بعض الإلمام بالطب النفسي.

– كما أتاح للسجناء الذين يتطلبون عناية متخصصة؛ نقلهم إلى سجون متخصصة؛ أو إلى مستشفيات مدنية. ومن الواجب، حين تتوفر في السجن خدمات العلاج التي تقدمها المستشفيات، أن تكون معداتها وأدواتها والمنتجات الصيدلانية؛ التي تزود بها وافية بغرض توفير الرعاية؛ والمعالجة الطبية اللازمة للسجناء المرض، وأن تضم جهازا من الموظفين ذوي التأهيل المهني المناسب.

كما نصت أيضا على أن يكون في وسع كل سجين أن يستعين بخدمات طبيب أسنان مؤهل.

كما نصت “مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين” في المادة 6 ،على الآتي:

يسهر الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين على الحماية التامة لصحة الأشخاص المحتجزين في عهدتهم، وعليهم بوجه خاص، اتخاذ التدابير الفورية لتوفير العناية الطبية لهم كلما لزم ذلك.

كما تنص القاعدة رقم 24 على ضمانة مهمة للسجناء لمعرفة أي مرض جسدي أو عقلي، من خلال إلزام الطبيب بفحص كل سجين في أقرب وقت ممكن بعد دخوله السجن، ثم يفحصه بعد ذلك كلما اقتضت الضرورة بغية اكتشاف أي مرض جسدي أو عقلي، يمكن أن يكون مصاباً به، واتخاذ جميع التدابير الضرورية لعلاجه، وعزل السجناء الذين يشك في كونهم مصابين بأمراض معدية أو سارية، واستبانة جوانب القصور الجسدية، أو العقلية التي يمكن أن تشكل عائقاً دون إعادة التأهيل، والبت في الطاقة البدنية على العمل لدي كل سجين.

في السياق نفسه أكد المبدأ رقم (24) من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، بأن يتاح لكل شخص محتجز، أو مسجون فرصة إجراء فحص طبي مناسب في أقصر مدة ممكنة عقب إدخاله مكان الاحتجاز أو السجن، وتوفر له بعد ذلك الرعاية الطبية والعلاج كما دعت الحاجة، وتوفر هذه الرعاية وهذا العلاج بالمجان.

على علاقة بذلك أكدت قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء على عدد من الالتزامات الملقاة على عاتق الطبيب في مؤسسة السجن ومنها:

– مراقبة الصحة البدنية والعقلية للمرضى، ومقابلة جميع السجناء المرضي يومياُ، وجميع أولئك الذين يشكون من اعتلال، وأي سجين استرعي انتباهه إليه.

– تقديم تقرير إلى المدير كلما بدا له أن الصحة الجسدية، أو العقلية لسجين ما قد تضررت أو ستتضرر من جراء استمرار سجنه، أو من جراء أي ظرف من ظروف هذا السجن.(القاعدة 25)

– معاينة الجوانب التالية بصورة منتظمة، وأن يقدم النصح إلى المدير بشأنها:

( أ) كمية الغذاء ونوعيته وإعداده.

( ب) مدي اتباع القواعد الصحية، والنظافة في السجن ولدي السجناء.

(ج) حاله المرافق الصحية والتدفئة والإضاءة والتهوية في السجن.

( د) نوعية ونظافة ملابس السجناء ولوازم أسرتهم.

(هـ) مدي التقيد بالقواعد المتعلقة بالتربية البدنية والرياضية، حين يكون منظمو هذه الأنشطة غير متخصصين (القاعدة 26).

وضمن القواعد التي تنطبق على فئات خاصة أكدت القاعدة (62) على المنهج الوقائي من الأمراض، وهو التزام ملقى على إدارة السجن: حيث وضعت على الخدمات الطبية بمؤسسة السجن التزاما في العمل على رصد أي علل أو أمراض جسدية أو عقلية لدى السجين، وأن تعالجها حتى لا تكون عقبة دون إعادة تأهيله، وبموجب هذا الهدف ، على إدارة السجن أن توفر للسجين جميع الخدمات الطبية والجراحية والنفسانية الضرورية.

وتلقى هذه الواجبات دوراً مستقلاً لطبيب السجن عند اتخاذ القرارات الطبية في مواجهة سلطات الاحتجاز، ويرى البعض أن أفضل الطرق لذلك أن يكون الموظفون الطبيون جزءا من النظام العام للرعاية الصحية بالدولة، بدلا من اعتمادهم على السلطات المسئولة عن مكان الاحتجاز.

 الحق في الرعاية الصحية في الدستور و القانون المصري:

يؤكد الدستور المصري 2014 على أن لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة ، وتكفل الدولة الحفاظ على مرفق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل “المادة 18”.

من جهته يتضمن قانون السجون المصري رقم 396 لسنة 1956 عدداً من النصوص القانونية التي تضع القواعد العامة لعلاج السجناء والمحتجزين داخل السجن، وكثير من التفصيلات التي تتضمن دوراً للطبيب في التأكد من عجز السجناء عن العمل، ودوره في اعتماد الإفراج الصحي.

كما تضمنت اللائحة الداخلية لقانون السجون واجبات طبيب السجن منذ استقبال السجين، ومتابعة حالات المسجونين المرضى منهم، وعزلهم، وتعديل معاملة أو غذاء المسجون وفق حالته الصحية. كما تحدثت اللائحة الداخلية عن دور ما للصيدلي في السجن في المواد من (40-44) كما أوردت أحكاماً خاصة بالمسجونين المصابين بأمراض عقلية، المصابين بالجذام. وعلى الرغم من العديد من الضمانات التي يقررها القانون المصري للسجناء فإنها لا تجد تطبيقا عمليا بسبب الانفصال بين الواقع الفعلي والإطار النظري وهذا قد يرجع لعدة أسباب منها، الإمكانيات المادية، أو عدم تأهيل الأطباء داخل السجون، وقلة عددهم وغياب وجود هيئة مستقلة لفحص المقبوض عليهم طبيا فور القبض عليهم، فحتى أطباء السجون الذين تفرض عليهم لائحة تنظيم السجون في مادتيها (27/28) توقيع الكشف الطبي على كل مسجون فور إيداعه السجن، وإثبات حالته الصحية، والإصابات التي به عمليا، يحجمون عن كتابة هذه التقارير خاصة في القضايا السياسية نتيجة علاقة التبعية المباشرة بينهم وبين مصلحة السجون.

ويتضمن قانون السجون المصري في جزئه السابع بعنوان (علاج المسجونين) 5 مواد من المواد (33 – 37)، حيث يؤكد في المادة 33 على وجوب أن يكون في كل ليمان، أو سجن غير مركزي طبيب، أو أكثر أحدهم مقيم تناط به الأعمال الصحية، ويكون للسجن المركزي طبيب فإذا لم يعين له طبيب كلف أحد الأطباء الحكوميين بأداء الأعمال المنوطة بطبيب السجن، ومما يؤخذ على هذه المادة أنها لم تلزم بأن يكون للسجن المركزي طبيب وهو ما لا يتفق مع اتساع عدد السجون المركزية، وتحويل معظم أقسام الشرطة إلى سجون مركزية تنفذ فيها عقوبة الحبس البسيط، أو الحبس مع الشغل .

وتفرض المادة (34) علي طبيب الليمان ضرورة عرض المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة على القسم الطبي للسجون، إذا تبين عجزهم عن العمل في الليمان ويقوم الأخير بفحصه مع مدير عام مديرية الشئون الصحية أو من يندبه للنظر في نقله إلى سجن عمومي وإذا زالت أسباب النقل ينظر مدير القسم الطبي في إعادته إلى الليمان.

وتقرر المادة 35 نقل المسجون المحكوم عليه المصاب بخلل في قواه العقلية إلى مستشفى للتثبت من حالته إذا رأى طبيب السجن ذلك، ويظل بالمستشفى إذا ظهر اختلاله بالفعل، وذلك بأمر من النائب العام بإيداعه فيها حتى يبرأ، ويعود بعد شفائه إلى السجن مع استنزال المدة التي قضاها بالسجن من عقوبته. كما تؤكد المادة 52 من اللائحة التنفيذية لقانون السجون على معاملة المسجون العائد إلى السجن بعد شفائه من مرض عقلي معاملة مناسبة لحالته.

و تقرر المادة (37) ضرورة إبلاغ أهل المسجون المريض إذا بلغت حالة المسجون المريض درجة الخطورة.. والإذن لهم بزيارته كما توجب إخطار أهل المسجون المتوفى عن طريق إبلاغ جهة الإدارة المقيم في دائرتها أهله. وكثيرا ما لا تبلغ أسرة المسجون المريض الذي بلغ مرضه حد الخطورة؛ حيث يفاجأ عدد من العائلات باستلام جثث أبنائهم دون إبلاغهم بسوء أحوال أبنائهم الصحية قبل ذلك.

  • Ø من ناحية أخرى تتضمن اللائحة الداخلية للسجون الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 عدداً من الواجبات الملقاة على الطبيب التي تتماشى مع قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء وهي:

* مسئولية الطبيب عن جميع الإجراءات الصحية بالسجن التي تضمن سلامة صحة المسجونين (م 24)

* أن يتفقد السجن مرة على الأقل يوميا (مادة 26).

* الكشف على كل مسجون فور إيداعه السجن، والكشف على المسجونين المرضى يوميا، والأمر بنقل المريض إلى مستشفى السجن (مادة 27).

* زيارة كل مسجون محبوس انفراديا مرة كل يوم (مادة 27).

* الكشف على المسجونين من غير المرضى مرة كل أسبوع (مادة 27).

* تدوين البيانات الخاصة بأعمال المسجونين، وحالتهم الصحية (مادة 28).

* طلب عزل أي مسجون يرى أنه مصاب بمرض معد، أو يشتبه أنه مصاب به، واتخاذ الاحتياطات الصحية الوقائية بمنع انتشار أي مرض (مادة 29).

* تطعيم المسجونين عند إيداعهم السجن ضد الجدري والتيفود، وتطعيم المسجونين من وقت لآخر ضد الجدري (مادة 30).

* إخطار مدير السجن ومأموره كتابة بأي ضرر قد يصيب المسجون من جراء تنفيذ الحبس الانفرادي، والعمل الذي يقوم به السجين، وأن يبين الوسائل لدرء هذا الضرر (مادة 31).

* إبلاغ مدير الليمان أسماء المسجونين الذين بلغوا سن الستين لعرضهم على النيابة لنقلهم إلى سجن عمومي (مادة 36).

* ضرورة نقل أي مريض مسجون لا تتوافر أسباب علاجه بالسجن إلى مستشفى خارجي، وعرضه على الطبيب الشرعي، واتخاذ ما يراه ضروريا للمحافظة على صحة المسجون؛ وإذا رأي أن حالة المريض تستوجب أخذ رأي أخصائي؛ فعليه استئذان مصلحة السجون تليفونيا في الحالات المستعجلة (مادة 37).

* قبول الأدوية التي ترد للمريض من الخارج إذا كانت هناك ضرورة لذلك.

* الكشف على المسجون قبل الإفراج عنه، فإذا ثبتت إصابته بمرض معد وجب عليه إرساله إلى أقرب مستشفى مخصص لذلك (مادة 38).

* الكشف على مستخدمي السجن مرة شهريا لمنع وصول المرض إلى المسجونين (مادة 39).

* مسئوليته عن مراقبة الإجراءات الصحية المنصوص عليها في اللائحة ” قص شعر المسجون، واستحمامه عند إيداعه السجن، وخلال مدة إيداعه ” وإن ذلك ليس الغرض منه تكديره أو إيذاءه معنويا (مادة 45).

* التأكد من وضع المسجونين المقبولين في السجن حديثا تحت الاختبار الصحي لمدة عشرة أيام (مادة 46).

* التأكد من تطهير الغرف التي حصل لها مرض معد، ووضع المسجونين فيها (م 48).

بعد كل هذه النصوص الرائعة سواء في قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء أو في قانون السجون ماذا عن الواقع الفعلي داخل سجون خط القنال؟

 

في سجن بورسعيد ومؤخرا وعدا باقي السجون ونظرا لوجود عدد من الأطباء المناوبين ووجود حالات مرضى كثيرة في سجن النساء يتم إخراج المرضى والمصابين بأمراض ضيق التنفس إلى الهواء الطلق في فناء السجن خوفا من إصابتهم بالاختناق ولكن بعد ساعات من الطرق المستمر على الأبواب .

 

وهناك حالات وفاة عديدة تحدث مع المرضى كبار السجن في  السجون ولا يتم الإعلان عنها ويتم الإشارة اليها بسبب وفاة بهبوط حاد في الدورة الدموية دون ذكر السبب الحقيقي للوفاة.

للأمانة تقوم وزارة الداخلية بتقصي حقيقة وفاة أي مسجون بسبب الإهمال داخل السجون  ولكن لا تكمن المشكلة في الوزارة فالتحقيقات تنتقل روتينيا من جهة لأخرى، إلا أن  أطباء السجن  مع الضابط المسئول عن السجناء يقومون بالتغطية على حالات الوفاة ويعلم السجناء أنفسهم بذلك ولكن يصمت الجميع خوفا من العقاب .

  • شكاوى السجناء

شكاوى السجناء من الحالة الصحية تسوقنا لجانب آخر من جوانب السلامة الجسدية وهو الزيارات المنتظمة للأطباء، ونوعية الأدوية المعطاة للمرضى  وكلاهما تعتبران فاجعة في السجون الصغيرة بالمحافظات والتي لا تحتوى على مستشفى متخصص  ومتكامل مجهز لعلاج حالات مزمنة !!

على سبيل المثال سجن الزقازيق العمومى يوجد به مستشفى لا تتسع المرضى وتبعا لشهادات العديد من المساجين اللذين التقينا بهم لإعادة التأهيل كانت الشكوى من المستشفى والنوم أرضا فيها بسبب عدم وجود أسرة متاحة ( السرير يتم حجزه بمبالغ مالية يقوم السجين بدفعها للمخبرين والممرضين) .

ولا يقوم المستشفى باستقبال حالات أمراض مزمنة ولا يوجد به وحدة إسعاف سريع ولا أكسجين ويفتقد لأبسط إجراءات السلامة والنظافة .

ولا تزال حالة مصطفى عبد الباسط التي قامت المؤسسة حياه المصرية للحقوق الشخصية بالتعاون مع المؤسسة حياه على متابعتها داخل السجن ماثلة في الأذهان حيث تم إلقائه على أرض المستشفى  يعاني من تقرحات الفراش وعدم وجود حوافض للتبرز أو التبول مما تسبب في رائحة كريهة وتزايد  التقرحات في جميع أجزاء جسده.

شيوع الأمراض داخل السجون :

بسبب الظروف الصحية داخل السجون تنتشر عدد من الأمراض بين السجناء منها ارتفاع الضغط والسكر وأمراض الكبد ، برغم انتشارها لا توجد رعاية صحية خاصة بها .

وجرعات الدواء التى يتم صرفها غالبا يشكو جميع المساجين من عدم فاعليتها ونوعيتها الرديئة ولعل السؤال الذى ما زلنا نقوم بالبحث عنه هل هذه الأدوية التى تصرف داخل السجون المصرية هي نفس نوعيات الدواء التي توزعها وزارة الصحة في التأمين الصحي ؟

( رغم أن عبوات الأدوية التي تسلم للسجون مكتوب عليها خاص وزارة الداخلية وغير مصرح بتداوله إلا داخل السجون ) والسؤال هل هي عبوات خاصة تصرف للسجون بمعرفة وزارة الداخلية وكيف يمكن التأكد من سلامة هذه العبوات ؟

وتخشي مؤسسة حياه من أن يفتح الباب ذلك على مصراعيه حول التسمم الدوائي داخل السجون المصرية وفي جانب آخر يعتبر ملف الدواء والأطباء بمصلحة السجون ووزارة الداخلية شائك وغير معلن ويتم منع تسريب أى معلومات بخصوصه وكأن السجون مناطق معزولة لا يتم التزام الشفافية في الإعلان عن احتياجاتها أو ما تواجهه وزارة الداخلية وقطاع السجون من مشكلات متعلقة بها.

حالات نموذجية

وتورد مؤسسة حياه بعض الحالات النموذجية على سوء الحالة الصحية داخل السجون محل التقرير: ومن ضمن هذه الحالات شهادات من سجناء سابقين تم الإفراج عنهم أعوام 2011/2012/2013/2014 و عناصرها موضوعة وفق المعايير النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء فيما يتعلق بالخدمات الطبية التي تقدمها إدارة السجن فيما يلي:

1 ـ محمد  (ج ):

أحد الحالات التى دخلت سجن الزقازيق العمومي وخرج مصاب بتهتك في غشاء البطن الداخلي ناتج عن جرح قديم وتم عمل عملية سريعة له بعد خروجه من حبس احتياطي تسبب في  أصابته بفتاق مزمن والتهاب شديدين وأضعف من قدرته على العمل وإعادة التأهيل وخاصة أنه معاق حركيا

2 ـ هدى :

أحدى الحالات التى تعرضت لأصابتها بالتهاب غشاء القلب والمعروف بالتهاب التامور نظرا لتكرار تعرضها لجلطات بسيطة وعدم وجود مذيبات جلطة داخل سجن بورسعيد وصعوبة الحصول على قرار نيابة بنقلها فوري المستشفى خارجي لضعف إمكانيات المستشفى بالسجن ومازالت بعد خروجها تعالج منه.

3 ـ نجوى الزعيرى :

مريضة بالضغط ، في احدى المرات شعرت بالتعب ليلا قامت السجينات بطلب الطبيب بالطرق على أبواب غرف الحجز لسرعة نجدتها ، و قام طبيب السجن بإعطاءها دواء لتخفيض الضغط ، كان الدواء مختلفا عن ما كانت تتناوله ،  حذرته السجينات من نوعية الدواء فنجوى من السجينات الغارمات اللواتى ما أن يخرجن من السجن شهورا حتى يعدن إليه مرة أخرى نظرا لوجود ديون متعددة عليها بسبب الفقر والحاجة.

فى الصباح بعد ليلة من الألم والتعب ومناشدات السجينات للطبيب بإخراجها لمستشفى خارجي ماتت نجوى بارتفاع ضغط مفاجئ ، تذكر أحدى السجينات المفرج عنهن واللذين عاصرن وجود نجوى منذ عام ونصف بأنها ماتت بسبب جرعة الدواء التي ضاعفت من ارتفاع ضغطها وجحوظ عينيها ثم الوفاة دون  أن يهتم أحد !!!

4 ـ منى حسونة :

وهي أحدى السجينات اللواتى تم تقديم شكوى بسبب وجودها في سجن بورسعيد وتم نقلها إلى سجن القناطر حيث توفت بعد عمل أفراج صحي عنها في أخر أيامها ، وتوفت منى بعد خروجها بأيام قلائل وكانت مصابة بفيروس كبدي وبائي وكانت دمائها تملأ عنبر الأموال العامة للنساء يوميا وهى تنزف بغزارة دون أدنى شفقة ولا مراعاة لمرضها ولا وجود لرعاية صحية أو علاج دوائى منظم.

5 ـ ثريا الكلاف :

6 ـ هانم توفيق السيد :

وكن مودعات بسجن دمنهور وذهبت كل منهما ضحية بسبب فوضى الطب والدواء بالسجون.وجميع الوفيات يتم تسجيل سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية !!!

7 – الحالة (س ا) ” أنثي”

بلغت فترة حبسها مدة شهرين بسجن بورسعيد للنساء و كانت تعاني من مرض الضغط و السكر و لم توفر إدارة السجن الدواء الـــــــذي يناسب حالتها المرضية طوال فترة الاحتجاز أو وجود طبيب مقيم لوصف العلاج المناسب في أوقات الطوارئ و اضطرت إلى شراء الدواء المناسب عن طريق زيارات السجناء معها بالعنبر، و لنفترض أنها لم تجد من يوفر لها الدواء ، ما هو المصير الذي ينتظرها بالطبع مضاعفات شديدة بسبب سوء الحالة النفسية و ارتفاع مستوى الضغط و السكر بالدم والوفاة وهذا غالبا ما يحدث بدون ادني شك وذلك لعدم توفير ادارة السجن الأدوية المناسبة او ما يختص بهذه الأمراض وأقصى ما يحدث هو صرف قليل من المسكنات التي تضر أكثر مما تنفع و هذا مثال بسيط على انتهاك من ضمن جملة الانتهاكات التي تحدث في سجون خط القنال و الشرقية و الدولة بشكل عام.

8 – الحالة (ح ع ) :

من ضمن الحالات التي تعرضت لانتهاكات عدة طبيا حيث أنها وصلت قسم شرطة القنطرة شرق تعاني من كدمات و كسور بالقدم و الذراع و قد تم ترحيلها بعد ذلك بعد أن قامت بتجبير الكسور بعيادة خاصة إلى سجن المستقبل بالإسماعيلية و هي في وضع حرج،  و تم نقلها بسيارة الترحيلات مكبلة بالأصفاد دون الالتفات الى وضعها الصحي و بـــــعد ان وصلت إلى سجن الترحيلات بمدينة المستقبل بالإسماعيلية لم تجــــــد اي رعاية من اي نوع او حتى العرض على طبيب متخصص ، وقد تم ترحيلها بعد حوالي عشرة أيام من سجن المستقبل في سيارة الترحيلات التـــــي لا تراعي أنها تعاني من كسور الى ســــــــــجن بورسعيد نساء و لم تقبلها إدارة سجن بورسعيد بسبب و ضعها الصحي وتم إرجاعها أيضا بسيارة الترحيلات إلى سجن المستقبل مرة أخرى و تكرر هذا عدة  وهي في حالة حرجة تستوجب الرعاية الصحية و البعد عن الحركة حتى تلتئم الكسور. هذا جانب من الاهمال بسجن المستقبل للترحيلات و انتهاك لأبسط الحقوق الإنسانية وبعد نقل الحالة إلى سجن بورسعيد “نساء” اكتشفت أنها في الشهر الثاني من الحمل ويجب ان تخضع الى عناية طبية مناسبة و متابعة دورية بطبيب نساء متخصص بالإضافة إلى أدوية تناسب الوضع الصحي للام و الجنين  ولا تضر بهما و غالبا هذه الأدوية يوجد منها اقل القليل و اهتمام إدارة السجن الوحيد بتوفير الحليب للحالة بشكل يومي، وأثناء معاناتهامن آلام الحمل طلبت طبيب متخصص نساء ففوجئت بطبيب غير متخصص يقوم بالكشف عليها بشكل عشوائي فرفضت الكشف الطبي و طلبت طبيب متخصص و كان غير موجود أثناء الواقعة في هذا الوضع الحرج . و سجلت الحالة ان هذا الطبيب غير المتخصص عاملها بأسلوب غير لائق  بسبب رفضها الكشف الطبي وهو من ابسط الحقوق الشخصية وهذا يعكس العشوائية وعدم المسئولية في التعامل مع السجناء دون الالتفات و الاعتبار بآدميتهم  او حقوقهم الأساسية وانتهاكات بدون حدود للقوانين و الأعراف الإنسانية و المحلية و الدولية اذن فهل نتوقف عن الهمجية و الفوضى  و سوء الإدارة و امتهان الإنسان.

لذا يجب عمل ما يسمى بلجنة خاصة بمتابعة حوادث الوفاة داخل وزارة الداخلية تكون مختصة ومكونة من ضباط بمصلحة السجون ووكلاء نيابة وضباط مباحث يشترط فيها الحيادية والشفافية وتختص بمتابعة الأسباب الحقيقية لوفاة السجين وما وراء الوفاة من إهمال طبي أو إهمال في سلامة السجين داخل السجن .

وتأتي معظم الشكاوى حول نقص الجرعات وضعفها وخاصة في علاج أمراض كالكبد والسكر اللازم لهم جرعات خاصة ومحددة سلفا ، وفي دراساتنا قمنا برصد حالات عديدة تزايدت لديها أمراض الكبد والسكر وتضاعفت بسبب النقص الدوائي أما نقص الجرعات أو ضعفها عما هو متاح خارج السجن.

حتى الجهاز المناعى يتم مهاجمته بإعطاء جرعات صغيرة لأمراض كالأنفلونزا والتهاب المعدة والأمراض الجلدية وأيضا الإفراط في استخدام المسكنات لتقليل الشكوى مما تسبب في حالات عديدة في أمراض لم تكن موجودة لدى السجين ونقص مناعى شديد .

الضرب والتعذيب

 التعذيب والضمانات القانونية

يؤكد الدستور المصري في المادة 55 على مجموعة من الحقوق لكل من يقبض عليه أو يحبس و تقيد  حريته ومنها ان يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته ولا يجو تعذيبه أو ترهيبه ولا إكراهه ولا ايذاوه بدنيا أو معنويا ، ولا يكون حجزه أو حبسه الا في أماكن مخصصة لذلك لائقة انسانيا وصحيا  ومخالفة شئ من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون.

ويقصد بجريمة التعذيب وفقا لنص المادة الأولى من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي صدقت عليها الحكومة المصرية : يقصد به “أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه هو أو شخص ثالث علي الاعتراف بشيء ما، أو عندما يلحق به مثل هذا الألم أو التعذيب -لأي سبب من الأسباب كالتمييز أيا كان نوعه- أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي، أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية “.

والاعتداء علي أي من الحريات العامة والحقوق العامة التي نص عليها الدستور -ومنها الحق في سلامة الجسد- جريمة لا تسقط بالتقادم؛ نصت حيث نصت المادة 57 من الدستور علي أن: “كل اعتداء علي الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء”.

ويعرف قانون العقوبات المصري نوعين من الجرائم المرتبطة مباشرة بانتهاك الحق في سلامة الجسد، فوفقاً للمادة 126 من قانون العقوبات فإنه “يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث إلى عشر سنوات، كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله علي الاعتراف وإذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد”.

وتقول محكمة النقض تفسيرا لنص المادة 126 من قانون العقوبات: “لم يعرف القانون معني التعذيبات البدنية ولم يشترط لها درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى ، وتتوسع في تعريف التعذيب فتقول: “إن القانون لم يشترط لتوافر أركان جريمة تعذيب متهم بقصد حمله على الاعتراف المنصوص عليه في المادة 126 من قانون العقوبات أن يكون التعذيب قد أدى إلي إصابة المجني عليه، فمجرد إيثاق يده خلف ظهره وتعليقه في صيوان ورأسه مدلى لأسفل – وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن من أقوال زوجة المجني عليه – يعد تعذيبا ولو لم يتخلف عنه إصابات.

المادة 127 من قانون العقوبات تنص علي أنه “يعاقب بالسجن كل موظف عام وكل شخص مكلف بخدمة عامة أمر بعقاب المحكوم عليه أو عاقبه بنفسه بأشد من العقوبة المحكوم بها عليه قانوناً أو بعقوبة لم يحكم بها عليه”، وهي الجريمة التي تعرف باسم استعمال القسوة، والتي لم تشترط محكمة النقض المصرية أن يتخلف عن فعل الضرب فيها جروح أو آثار مادية تدل عليها، أو تستوجب مداواتها بعلاج معين حتى يمكن معاقبة الجاني ، ولكنها ذهبت إلى أن هذه الجريمة تتحقق بتوجيه ضربه واحدة إلي جسد الضحية ، دون أن “يعتد بمكان الضربات الموجهة من الجاني لجسم المجني عليه، فقد يتلقاها في رأسه أو صدره أو جزء آخر من سائر أجزاء جسده.

أضف إلى ذلك فقد شدد القانون العقوبة علي جريمة هتك عرض الإنسان رجلاً كان أو امرأة فقد نصت المادة 268 من قانون العقوبات على أن: “كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث إلي سبع سنوات”، وفي تطبيق هذا النص تقول محكمة النقض المصرية: “الركن المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطيل إلي جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانونا أن رضائها ولا يلزم أن يتحدث عنه الحكم متي كان ما أورده من وقائع وظروف فيها ما يكفي للدلالة على قيامه ، يترك أثراً بجسمها كما أن القصد الجنائي يتحقق في هذه الجريمة بانصراف إرادة الجاني إلي الفعل ونتيجته ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلي فعلته أو بالغرض الذي توخاه منه ويكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير وعندما تقع جريمة هتك العرض لصبي أو صبية دون سن الثامنة عشرة فإن العقوبة ترتفع لتكون الأشغال الشاقة المؤقتة وفقا لنص المادة 169 من قانون العقوبات.

ومن الواضح ان هنا تناقض واضح بين نص المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب ومواد قانون العقوبات خاصة المادة 126 بخصوص تعريف التعذيب والغرض منه والأشخاص القائمين به وهو ما يجب أن نطالب معه بتعديل مواد قانون العقوبات ليتوائم مع اتفاقية مناهضة التعذيب. من جانب أخر  تزيد ظاهرة التعذيب في مصر ويتسع نطاقها وهو ما نراه في سجون القنال:

 

فى سجن المستقبل بالإسماعيلية توجد زنزانتين أحدهما تسمى تأديب والأخرى حبس إنفرادى .

فى التأديب يتم إغراق المكان بالمياه وتعريض السجين لها بقوة والضرب والتعذيب بالأساليب المعروفة لدى الحقوقيين والعاملين في بحوث الانتهاكات من ضرب بالعصي ومؤخرات البنادق وتعليق من الأرجل وخلافة.

وفى غرفة الحبس الإنفرادى يتم منع الطعام عن السجين وتركه بملابسة الداخلية أيام تبعا لرغبة ضابط المباحث ومدى عدم تعاون السجين وسبب حبسه .

ـ في سجن الزقازيق العمومى تصبح الممارسات أشد حدة وعنف.

  • أما في سجن بورسعيد فالضرب في الأماكن الحساسة للرجال واستخدام الفلكة برفع الأقدام لأعلى والضرب بقوة عليها ثم وضع السجين على الأرض وطلب الحركة المستمرة بالقفز لأعلى حتى تستطيع قدميه تحمل العودة للضرب مرة أخرى هو الشائع فيها .

وتظهر حالات القتل والتعذيب الطبى ضرورة مناقشة إحدى صور السلامة الجسدية المهملة في مجال السجون والتى ظهرت جليا في وفاة مسجوني أبو زعبل الـ (36) سجين التى أدانتها معظم المنظمات الحقوقية .

حالات نموذجية

وتعرض مؤسسة حياه للتنمية  شهـــادات من سجناء سابقين تم الإفراج عنهم أعوام 2011/2012/2013/2014 و عناصرها موضوعة وفق المعايير النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء فيما بأسلوب العقاب.

1 ـ الحالة (س م س) :

و تعرض للحبس بزنزانة التأديب بسجن الزقازيق وقد تعرض لأنواع  شتى من الانتهاكات الجسدية من ضرب مبرح و الحرمان من النوم و الطعام  وقد شهدت الحالة على سجناء آخرين بالسجن شارفوا على الموت أثناء التأديب بسبب تخفيض الطعام و الشراب  او منعه لأيام مع الضرب بشتى الوسائل.

فهل هذا أسلوب للإصلاح و التأهيل و الدمج مرة أخرى في المجتمع تشرف عليه وزارة الداخلية؟ بالتأكيد لا بل وزارة الداخلية تدير مجتمع يساعد على العودة للجريمة بامتهان الإنسان و أدميته .

ويعود انتشار التعذيب إلى عدد من الأسباب :

أولا : عدم قيام لنيابة العامة بدورها في حماية الضحايا ولا تعمل بالشكل اللائق لإحالة قضايا التعذيب إلى المحكمة المختصة؛ الأمر الذي يوفر شعورا بالطمأنينة لدي مرتكبي تلك الجريمة.

فوفقا لنص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه لا يجوز لغير النائب العام أو المحامى العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها؛ ومن ثم فإنه لا يجوز لضحايا التعذيب رفع الدعوى مباشرة إلى محكمة الجنايات أو محكمة الجنح ضد مرتكبي جرائم التعذيب من ضباط وجنود الشرطة –باعتبارهم موظفين عموميين– ولكن عليهم أن يتقدموا ببلاغاتهم إلى النيابة العامة، والتي لها وحدها سلطة تحريك الدعوى العمومية ضد هؤلاء الضباط وهو ما لا يتم في معظم الأحوال، بما يشكل حماية من نوع “ما” لهؤلاء القتلة.

ثانياً: إن المتهمين في قضايا التعذيب يتمتعون بنفوذ قوي ويظلون في أماكن عملهم طوال فترة التحقيق معهم، وهو ما يساعدهم في اصطناع أدلة البراءة، سواء بإحضار بعض المجرمين المحتجزين لديهم للإدلاء بشهادات كاذبة أو حتى بتحمل المسئولية عن الضباط، أو باختلاق أوامر أجازات وهمية حيث يحصلون من جهة عملهم علي ما يفيد أنهم كانوا في راحة وقت حدوث التعذيب. كما أنه حتى في حالة حبس الضباط احتياطيا فانهم يتمتعون بمعاملة ممتازة، ويقوم زملاؤهم بمحاولة اصطناع أدلة لتبرئتهم.

ثالثاً: إن قانون الإجراءات الجنائية مازال ينظر إلى الإثبات في جريمة التعذيب مثل معاملته في الجرائم الأخرى، فهو لا يعاقب المجرم إلا إذ ثبت أنه هو الذي قام شخصيا بالتعذيب أو حرض عليه بشكل مباشر، كما يتشدد في مدي مطابقة أقوال المجني عليه مع الدليل الفني، ويهدر أقوال المجني عليه عند أصغر تناقض بينها وبين ما أسفر عنه تقرير الطب الشرعي، ولا يأخذ بحالة المتهم وقت إدلائه بشهادته ولا بالضغوط التي يتعرض لها. ويكتفي القضاء هنا بمعاقبة الضابط علي جريمة احتجاز شخص دون وجه حق وهي جريمة عقوبتها الغرامة أو الحبس، مع العلم بأن مجرد احتجاز مواطن دون وجه حق في قسم الشرطة يجعل من ذلك قرينة علي أن تعذيبه قد تم بأيدي محتجزيه حتى يثبت المحتجزون عكس ذلك.

رابعاً: إن وزارة الداخلية لا تقوم بجهد كاف من أجل حصار الظاهرة ولا تتخذ إجراءات إدارية رادعة ضد الضباط الذين يتهمون بالتعذيب؛ بل في بعض الأحيان تقوم بترقيتهم إلى وظائف أعلي، مما يشعر الضباط بأن هناك حالة من عدم الممانعة رسميا في لجوئهم للتعذيب، مادام التعذيب لا يصل إلى حد قتل الضحية.(1)

مأسي الترحيلات :

يجب أن تتوفر في السيارات المخصصة لترحيل السجناء عدد من الشروط التي تؤدي إلى كفالة أمن وسلامة السجناء اثناء ترحيلهم او نقلهم من سجن إلى سجن ومنها توفير تهوية كافية وان تقتصر على عدد معين .

كما تؤكد القاعدة 45 / 2من قواعد الحد الأدني لمعاملة السجناء على حظر  نقل السجناء في ظروف سيئة من حيث التهوية والإضاءة أو بأية وسيله تفرض عليهم عناء جسدياً لا ضرورة له .

لكن الوضع الفعلي يختلف كثيرا ويؤدي إلى كوارث إنسانية  .. على سبيل المثال الترحيل لسجن كالقناطر يتم عن طريق ترحيلات بنها الذي يقوم السجين بالتواجد فيه لمدة يوم او يومين وقد يبقى لأسابيع في حال حدوث مشكلات بمواعيد القطارات دون طعام كاف أو مكان لائق لأبسط قواعد الحياة ،  فمراكز شرطة الترحيلات تحتاج لملف كامل وتقرير قد يستغرقنا بلا نهاية . والترحيلات حين تتم  بالعربات يصل المسجونين إلى السجن مبكرا في مواعيد الزيارة لباقى السجناء مما نتسبب في مذبحة ابو زعبل حيث رفض مأمور السجن دخول المساجين نظرا لقلة أعداد المخبرين المختصين بتفتيشهم.

( لاحظ التفتيش أهم من سلامتهم الجسدية بحشرهم وبقائهم داخل سيارة الترحيلات أثناء ساعات الزيارة !! )

فقام المساجين بالطرق على أبواب عربة الترحيلات وأقترح أحد الضباط برتبة عقيد إسكاتهم بقنبلة غاز !! و بعد قيامهم بحجز ضابط للضغط على إدارة السجن ومسئولى الترحيلة لإدخالهم السجن وعدم تركهم يختنقون داخل السيارة المغلقة الخالية إلا من فتحات تهوية صغيرة جدا ودون وجود مراوح ، كل ما طلبوة بعض زفرات من الهواء ليستطيعوا التنفس .

هواء … قنبلة غاز … حروق ووفيات 37  ….. سلامة جسدية !

هل من الصعوبة على وزارتي الداخلية وقطاع السجون تنظيم دخول وخروج المساجين  لأماكن احتجازهم ونقلهم من مكان لأخر دون كل هذا العوار الذى يتسبب في الموت البطئ أحيانا والفوري معظم الوقت . لا أملك سوى علامات الاستفهام .

سيارة الترحيلات ( سيارة و قطار الموت )

يتم ترحيل السجناء عن طريق القطارات وهو أمر بالغ الخطورة نظرا لسوء حالة القطارات وتعطلها الدائم والحوادث بها .

فترحيل مساجين من إحدى مراكز شرطة  الزقازيق لسجن بورسعيد يتم في 5 ساعات تقريبا وقد يرفض السجن استقبال السجناء بسبب مشكلات في قبول أوراقهم فيعودون في نفس اليوم بنفس القطار وهكذا يكونوا قد سافروا 10 ساعات في اليوم !!  ولم لا أليسوا سجناء ؟؟

شهادة احد السجناء (ح ع) :

أثناء الحبس بسجن المستقبل واستقبال إدارة السجن لها في و ضع صحي حرج في شكل كسور بالقدم و الذراع و عدم سماح حالتها الإكلينيكية للنقل إلا في سيارة إسعاف و لكن تم نقلها إلى سجن بورسعيد في سيارة الترحيلات مكبلة بالأصفاد دون الالتفات الى وضعها الصحي و الأعجب ان إدارة سجن بورسعيد لم تقبلها بسبب وضعها الصحي وتم إرجاعها بنفس السيارة و تكرر ذلك مرات عدة الى ان اضطرت إدارة سجن بورسعيد قبول السجينة وهذا يعكس مدى الإهمال و الاستهتار و عدم الاكتراث بحياة الإنسان.

و من اشد الانتهاكات التي يمكن توثيقها لتندرج مع انتهاكات يومية تحدث مع هذه الفئة المنسية و التي لا ترعاها اي جهات سوى وزارة الداخلية ، وبعد كل ما ذكر فلابد من ان تخضع إدارة مصلحة السجون لرقابة ومشاركة إدارية قضائية و مدنية مع وزارة الداخلية للرقي بهذا القطاع العشوائي غير المنضبط و الذي لا يخضع لاي رقابة من اي نوع على هذه الإجراءات و التصرفات اللامسئولة.

الحبس الاحتياطي:

الأصل في قانون الإجراءات الجنائية سيما المادة 145 هو الإفراج عن المتهم ـ بضمان أو بغير ضمان ـ بشرط أن يعين له محل إقامة في الجهة الكائن بها مركز المحكمة إن لم يكن مقيما فيها، ويجوز وفقا لنص المادة 146 من قانون الإجراءات الجنائية تعليق الإفراج المؤقت في غير الأحوال التي يكون واجبا فيها حتما تقديم كفالة يقدرها قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، بيد أن المشرع رأى علي سبيل الاستثناء وفقا للمادة 134 “إجراءات جنائية” أنه “إذا تبين بعد استجواب المتهم أو في حالة هروبه أن الدلائل كافية، وكانت الواقعة جناية أو جنحة معاقبا عليها بالحبس لمدة تزيد علي ثلاثة أشهر، جاز لقاضي التحقيق أن يصدر أمرا بحبس المتهم احتياطيا”. وعلي الرغم من البدائل والاختيارات المتعددة أمام النيابة العامة – والتي أصبح لها كل سلطات قاضي التحقيق بعد إلغاء هذا النظام – فإنها لا تستخدم إلا الحبس الاحتياطي .

ويلاحظ أن القانون يستخدم عبارة دلائل كافية وهي أقل كثيراً من الدليل،  ورغم أن القانون لا يسمح بحبس المتهم أكثر من ستة أشهر احتياطيا، وهي مدة طويلة نسبيا مما يجعلها -في حقيقة أمرها- ضمن العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة؛ بيد أنه في بعض القضايا يمتد حبس المتهمين إلى مدة أكثر من ذلك بكثير خاصة أن المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية تبيح للنيابة العامة أن تطلب مد مدة الحبس الاحتياطي مرة كل خمسة وأربعين يوما إن كان الشخص متهما في جناية.

من جهة أخرى وافق مجلس الشعب بموجب القانون رقم 145 لسنة 2006 في يونيو الماضي على بعض التعديلات الخاصة بمواد الحبس الاحتياطي، وركزت هذه التعديلات على استبدال المواد رقم “18 مكرر(أ)، و124، و134، و136، و142(فقرة أولى)، و150، و164 (فقرة ثانية)، و166،و167(الفقرات الأولى والثانية والثالثة)، و168 (الفقرتان الأولى والثانية)، و201 (فقرة أولى)، و202 (فقرة ثانية)، و205 (فقرة ثانية) و206 مكرر (فقرة أولى)، و237 (فقرة أولى)، و325 مكرر من القانون”. وتتضمن هذه النصوص بعض التعديلات على النحو الأتي:

– تقليل مدد الحبس الاحتياطي، حيث لا يجوز أن تزيد على ثلاثة أشهر في الجنح، فإذا كانت التهمة المنسوبة إلى المتهم جناية فلا تزيد مدة الحبس الاحتياطي على خمسة شهور، وفي جميع الأحوال لا تزيد مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي، وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية؛ بحيث لا تتجاوز ستة أشهر في الجنح، وثمانية عشر شهرا في الجنايات.

– أعطت التعديلات للنيابة العامة جواز الأمر بتطبيق تدابير احترازية أخرى؛ لتكون بديلا عن الحبس الاحتياطى؛ منها على سبيل المثال، إلزام المتهم بعدم مبارحة سكنه¸، أو إلزام المتهم بتقديم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، حظر ارتياد المتهم أماكن محددة.

– توسعت هذه التعديلات في تطبيق نظام الصلح في بعض الجنح والمخالفات.

– كما أعطت هذه التعديلات سلطات لغرفة المشورة في الإفراج عن المتهم، وأعطت للنيابة حق الاعتراض على ذلك القرار.

– كما أعطت للمتهم حق استئناف الأمر الصادر بحبسه، أو بمد هذا الحبس في أي وقت من تاريخ صدور أمر الحبس، أو مده وفي حالة رفض استئنافه جاز له التقدم باستئناف جديد كلما انقضت مدة ثلاثين يوما من تاريخ صدور قرار الرفض.

– كما ألزمت هذه التعديلات رجال النيابة بتسبيب قراراتهم بالحبس الاحتياطي.

وتأتي تلك التعديلات مخيبة لآمال الكثيرين، حيث أمل الكثير منهم على إلغاء نظام الحبس الاحتياطي كلية؛ باعتباره تدبيراً يمس الحرية الشخصية، حيث يطول أمر هذا الحبس إلى 3 شهور في الجنح , و5 شهور في الجنايات، إلا أنه في النهاية لم تلق الحكومة بالا لهذه المطالب((2).

الفصل بين المحبوسين احتياطيا وباقي السجناء:

فى إحدى أبواب القواعد الدنيا لمعاملة المسجونين وجدت عبارة الفصل بين الفئات و تختص بجانب اخر من جوانب الحماية الجسدية وهو فصل المحبوسون احتياطيا عن المسجونين المحكوم عليهم . وفي العبارة التى تليها :

“كما يجب ان يفصل المحبوسون لأسباب مدنية، بما في ذلك الديون، عن المسجونين بسبب جريمة جزائية” ، وهذا لا يحدث مطلقا فالجميع موجود في نفس السجن والجميع يعامل نفس المعاملة المهينة فحتى عنبر الأموال العامة المفترض تواجد المحبوسين بقضايا مدنية فيه يتواجد به محبوسين بسبب قضايا قتل وسرقة وفي معظم الحالات يتم وضع الحالات الخطرة فيه وحتى الشواذ بدعوى تأديبهم بتواجدهم مع غير محكومين بقضايا جنائية لمراقبتهم .

ـ كما أن قانون السجون رقم 396 لسنة 1956 يؤكد على الاقامة المنفصلة للمحبوسين احتياطيا عن اماكن غيرهم من المسجونين ، وأن يكون للحق في ارتداء ملابسهم الخاصة ما لم تقرر إدارة السجن مراعاة للصحة أو للنظافة أو لصالح الأمن أن يرتدوا الملابس المقررة لغيرهم من المسجونين”المادة 14″ .

ولا يتم مراعاة مبدأ الفصل بين المحبوسين احتياطيا وغيرهم من المسجونين ، حيث يحدث بصفة دائمة في سجن بورسعيد الذي يقبل حالات الشواذ لواط وسحاق من سجنى دمنهور والقناطر وبرج العرب لتأديبهم فيه ، برغم وجود عدد كبير من المحبوسين احتياطيا والغارمين فيه .  ( بدون تعليق )

ويوجد لدينا شهادات من مسجونين احتياطيا حصلوا على براءات تامة في قضاياهم وتمت معاملتهم بقسوة ولم يوضع أى اعتبار لكونهم محبوسين احتياطيا كما تم دمجهم مع الحالات الشديدة الخطورة والمسجلين والمرضى، وأغلب الظن أن قطاع السجون يفسر هذه القاعدة على أنه يتم الفصل في العنابر وليست السجون.

ونعم فسجن الزقازيق به عنابر حبس احتياطي وكذا سجن بورسعيد ولكن لا يوجد بسجن المستقبل وللأسف يتم الدمج في نفس فترات التريض وفي الزيارات وحتى في طبيعة المعاملة .. لا يوجد فرق ؟؟

ومع الاستمرار المنهجي لسياسة الحبس الأحتياطي غير المقنن تمتلئ السجون بالمحبوسين احتياطيا, وهناك حالات عديدة من تحرش إلى ضرب وحالات اعتداء بسلاح حاد على بعض المحبوسين احتياطيا وتكثر في سجن المستقبل لضيقه وتلاصق غرفة وزيادة عدد المساجين داخل العنابر ووجود عدد من المسجلين فية وسجن الزقازيق العمومي نظرا للأعداد الكبيرة من المحكومين والمحبوسين احتياطيا المدمجين.

فسجن بورسعيد مبنى قديم ولا يوجد به أدنى مواصفات السلامة؛ فالأسرة حديدية وقريبة من الكهرباء والمراوح تكاد تقطع رقاب السجينات والمساجين في صعودهم للدور الثالث من الأدوار الثلاث للأسرة وأحيانا تسقط على رؤوس المساجين كما حدث في سجن النساء ببورسعيد العام الماضى .

وكذلك المواسير صدئة والغرف فتحاتها ضيقة ولا يوجد شبابيك عليها لغلقها شتاءا وغير مسموح بوضع ستائر للمحكومين كما يوجد في سجن القناطر مثلا رجال ونساء أو سجن طرة .

أما سجن المستقبل فهو 8 حجرات رجال صغيرة وحجرة واحدة نساء مغلقة وغير أدمية وغرفة أحداث تفتقد لكل حق أنساني في مكان أمن مغلق جيد التهوية .

ويتواجد به عدد كبير من المساجين وفي ازدياد دوريا ويعتبر من اسوأ سجون محافظات القناة.

أما سجن الزقازيق العمومي فيه جناح كامل تم تجديده ومريح نسبيا وجناح قديم كامل تم تحويله بعد غلقه نظرا لضيق غرفة الشديد وصعوبة التنفس فيها من سجن نساء إلى سجن رجال .

وكأن الرجال يستطيعون التحمل أكثر ؟!

وتدعو مؤسسة حياه وزارتي الداخلية وقطاع السجون بإعادة تجديد وتنظيم السجون ووضع قوانين لسلامة السجين وعمل لجنة لحصر الوفيات والتحقيق فيها ولجان لبحث احتياجات السجون وتأمينها داخليا بدلا من تأمينها خارجيا لهو أمل  كان كالضوء الخافت نراه كمنظمات حقوقية سابقا.

خاتمة

اليوم وبعد هذا التوتر الكائن على مستوى الوطن ككل تصبح السجون من سئ الى أسوأ وتصبح أماكن للموت لو لم تملك المال الكاف لتطويرها كباقي السجون العمومية الكبيرة نحاول نحن كمؤسسة  تهدف لإعادة تأهيل السجناء المفرج عنهم  ونقوم ببحث مشكلاتهم القانونية وحلها وقمنا بتطوير برنامج نفسي متخصص لإعادة الدمج المجتمعي وتأهيل المفرج عنهم ومحو وصمة العار المجتمعي بداخلهم وتنمية المعايير الأخلاقية والسلوكية وكذا مفاهيم إثبات الذات ومهارات إعادة بناء الحياة المتضررة ونبذ العنف والجريمة .

وهدفنا إعادة بناء مواطن صالح، ونواجه صعوبات تتعلق بكل ما سبق عند تعاملنا مع المفرج عنهم … أمراض مزمنة تزايدت داخل السجن … ضغوط نفسية مع مشاعر بغض وكراهية للسلطة .. شعور بالإهانة ورغبة متزايدة في استمرار الجريمة والعنف … العنف تجاه الذات … ضعف الثقة بالنفس وإهمال أي معنى للحياة وسط أفراد في مجتمع منتج

والكثير من المشكلات التي حين نقوم بفحصها نعود إلى نفس المكان .

نحاول توجية نظر الوزارات المختلفة والتنفيذيين الي أن :

أصبحت السجون مقابر للبعض ومصانع تصنيع مجرمين مشوهين نفسيا للبعض الأخر ومرضى في الجانب الأضعف !

لعلنا بهذا التقرير استطعنا وضع بعض الإشارات لمكامن الخطر وندعو كل في موقعه على تفهم أن قضاء العقوبة أنما اعتراف ضمني من أي سجين قام بالتواجد كمحبوس احتياطيا والمثول أمام محاكمة عادلة والحصول على حكم ، أنما هو قد قام بقضاء ما عليه لمجتمعه ودفع ثمن جريمته أو قام بالخضوع للنظام العدلي القضائي أيا كانت ثغراته لذا وجب على مسئولى وزارة الداخلية وقطاع السجون المنوط بهما رعاية كل سجين أن يقوموا بالحفاظ على سلامة وأمن وجسد كل من امتثل للعقوبة.

حتى نستطيع إعادته للمجتمع وحتى لا تتزايد الجريمة بتزايد الضغط الداخلي والشعور بالاضطهاد والقهر والتنكيل .

نهاية نحتاج الي اثارة بعض التساؤلات من خلال بحثنا هذا !!

أولا : هل توجد إحصائيات لدى وزارة الداخلية أو قطاع السجون حول مخالفات ضباط الشرطة أو المخبرين أو ضباط المباحث ونوعيتها .. ومدى تأثيرها على السلامة الجسدية والنفسية للسجين؟

ثانيا : هل توجد أبحاث لدى وزارة الداخلية وقطاع مصلحة السجون حول حلول لمشكلات السلامة الجسدية وكثرة عدد الوفيات والإهمال الطبي وإعادة التأهيل والتشغيل التي تستند على برنامج علمي متخصص ؟

ثالثا: هل توجد خطة سنوية لتدريب ضباط الشرطة وضباط قطاع السجون وضباط مباحث السجون على الالتزام باحترام المواثيق الدولية في مجال حماية المسجون والحفاظ على حياته وإعادة تأهيله وبروتوكولات التعاون التي وقعتها مصر وتلتزم بتطبيقها ؟

رابعا : قضايا المرضى بسبب إهمال طبى أو سوء تغذية  داخل السجون … قضايا تعويضات الحبس الاحتياطي والدمج مع مجرمين ومسجلين …  قضايا إهمال الحماية الجسدية مما تسبب في اعتداء من أحد المساجين على الشاكي … قضايا طلب التحقيق بسبب  الشك في حقيقة الوفاة وندب خبير شرعى… … هل سنحصل فيها على أحكام ؟ أشك قطعيا ؟؟

لا يوجد قانون .. أو يوجد قانون غير مستعمل ولن يستعمل  لمحاذير !!

يوجد قانون والثغرات بلا نهاية

فى النهاية لن نحصل على أحكام .. تلك هى  النتيجة وتلك هى المشكلة ؟

تقريريا .

لا يوجد عقاب واضح وصريح لكل من أهمل أو قتل أو شارك بالإيذاء الجسدي لمسجون ؟

لا توجد قوانين محددة واضحة .. مطاطية ..  والبعض وإن وجدت

في بعض طيات عبارات الدستور والقانون للسجون غير المعلن والممنوع تداوله لسبب غير معلوم .والقانون العام .. والمواثيق الدولية مطاطية !!!!! لا منهجية في تحقيق الثواب والعقاب

ما يحدث هو عدم شفافية ؛أهمال ؛تجاهل؛ رفض للرقابة المجتمعية .. رفض للرقابة الحقوقية . تهميش وتسييس لدور المجلس القومي لحقوق الإنسان !!

التوصيات

  1. قانون لحماية السجين
  2. جهة محددة حيادية للشكاوى فعالة من وزارة العدل لا تتضمن اى مختصين من قطاع السجون ولا من الداخلية
  3. لجنة حصر وفيات السجون والتحقيق فيها
  4. اصدار قانون للتعويض عن أي إهمال متعمد أو غير متعمد ينال من السلامة الجسدية بل والنفسية للسجين
  5. قانون بالتعويض عن كل يوم حبس احتياطي بعد الحكم بالبراءة
  6. دعوة وزارتي الداخلية وقطاع السجون بإعادة تجديد وتنظيم السجون ووضع قوانين لسلامة السجين وعمل لجنة لحصر الوفيات والتحقيق فيها ولجان لبحث احتياجات السجون وتأمينها داخليا بدلا من تأمينها خارجيا.
  7. تعديل قانون العقوبات وخاصة فيما يتعلق بجريمة التعذيب ليتواءم مع الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
  8. تفعيل دور النيابة العامة في الرقابة على السجون .
  9. السماح لمنظمات حقوق الإنسان بزيارات السجون والالتقاء بالسجناء.

ونهاية تخيل معى الأتى :

تتحرك بسيارتك بسرعة . يتصل بك أحد أبناءك . يحكى لك عن مشكلة تواجهه تستغرق في الحديث .. فجأة تجد أحد المارة ملقى أمامك على الأرض .. وقد صدمته بسيارتك ..ترفض أسرة القتيل التنازل .. الحكم 7 سنوات قتل خطأ !!!

خلاف على لعبة بين طفلين.. يشتبك الجيران … مشادات بالأيدي ؟ يسقط أحدهم مضرجا بدماءه … الحكم عام مشاجرة

تعمل كضابط شرطة ؟  تحتفظ بسلاح غير مرخص إضافي  لحمايتك ؟ يتم الحصول عليه في حملة مرورية ..تقيد ضدك قضية … الحكم عام بتهمة حمل سلاح غير مرخص

خلاف مع شريك بالعمل..  يزور ضدك بعض الأوراق المتقنة..  يتهمك بالتزوير.. الحكم غيابي ثلاث سنوات .. جناية ..  انتظار للنقض عام و نصف … براءتك تظهر بعد المرور بالتجربة كاملة!!!!

ترشح نفسك في الانتخابات .. تصبح رئيس جمهورية.. لا تستطيع حل مشاكل الوطن أو السيطرة على الطامعين فيه ..  يثور الشعب..  ترفض ترك الكرسي .. تتهم .. تسجن… الحكم مؤبد !!!

تصبح وزير الداخلية .. تستغل منصبك ..  تسجن … الحكم . مؤبد.

عودة الى الواقع .

كل ما سبق بالإضافة إلى العادلي والرئيس مرسى حالات نتابعها في واقعنا الحالى  .

هل استطعت إيصال تقريري للجميع وللقيادات المختصة ؟

هل يمكننا الآن البدء في التغيير ؟؟

فلنحاول .. نتمنى ….  فالتجربة قاسية حقا .

المراجع :

  • الاحتجاز والمحتجزون في مصر .. اوضاع الاحتجاز وأماكن الاحتجاز في مصر: ” التقرير السنوي التاسع لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء 2007 ، القاهرة ، جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
  • المصدر نفسه
  • تقارير مؤسسة حياه للتنمية من خلال البحث الميداني والعمل مع السجناء .

 

أعداد فريق  وحدة البحوث والدراسات بمؤسسة حياه

تحت اشراف الباحث شريف الهلالى